الجميل الفاضل يكتب .. “أبريل”، واسطة عقد ثورات السودان المجهضة؟!

فجر تاريخ الصراعات والانقلابات، والحروب الأهلية في السودان، ثلاثة ثورات شعبية، من بينها وواسطة عقدها “انتفاضة أبريل” التي يمر عليها اليوم أربعون عاما.
فقد امتلكت نخب المركز، وطبقته المخملية، القدرة على إجهاض أهداف هذه الثورات الثلاث، والالتفاف حولها، لإعادة إنتاج ذات الأوضاع التي ثار الناس ضدها وعليها، لندور هكذا في حلقة مفرغة معصوبي العينين بلا تدبر او توقف كجمال “العصارة” أو ثيران “الساقية” فيما عرف بالدورة الخبيثة، والحلقة الجهنمية.
لتصبح كل ثورة في تاريخنا وكأنها بقية معلقة من ثورة سبقتها.وفي هذا يقول شاعرنا الراحل النور عثمان أبكر:”يد الأيام لم تصنع خطاياناخطايانا بأيدينا،بما لم تفعل الأيدي، صنعناها وأنصابا أقمناها ورحنا الجيل بعد الجيل نرعاها ونطفيء أعين الأطفال قربانا لصرعاها”.
فإدمان النخب السودانية التاريخي للفشل، يشرحه الدكتور منصور خالد بقوله: “عندما يقع الفشل مرة أولي قد يكون أمراً عَرَضياً. وعندما يتكرر مرة ثانية قد يكون مصادفة.ولكن عندما يتكرر كر الليل والنهار، يصبح ميلاً وجنوحاً نحو الفشل.
هذه هي العوامل التي أكسبت نخبتنا السياسية قدرة فائقة علي تحويل كبريات الأماني إلى ما هو أدني قيمة من التـُفاف، عندما وآتتها الظروف إلى التمكن من السلطة. تلك هي الحالة التي تستلزم وضع المريض في أريكة الطبيب النفساني، لآسيما بعد أن وضح لكل ذي عينين أن أي فشل جديد لن يقود فقط إلى فشل أكبر، بل إلى ما هو أدهي وأمر”.
فالتاريخ كما يقال: قد يعيد نفسه مرة كمأسأة، ومرة كملهاة، لكنه في ظني قد لا يعيد نفسه البتة بعد هذه الحرب الكارثية، لا كمأساة ولا كملهاة.إذ يعرف التاريخ أحد أهم المؤرخين في القرن الماضي “هايدن وايت” بقوله: “إن التاريخ ليس مادة لفهم الماضي، بل للتحرر منه”.