مقالات

عروة الصادق يكتب .. النظرية الشعورية السياسية : تأصيل لوعي جمهوري بديل في السودان – الحلقة الاولي -(1)

النظرية الشعورية السياسية: تأصيل لوعي جمهوري بديل في السودان 1

عروة الصادق
orwaalsadig@gmail.com

هذه المقدمة لا تُقرأ… بل تُحسّ

هذه الكلمات ليست حروفًا تُرتب على سطر، بل هي نبض يُكتب على جدار الزمن.
ليست نظرية تُضاف إلى رف، بل هي خرق للمفاهيم، وتمرد على المعاجم.
نكتبها لا لنشرح، بل لنوقظ.
نبحث فيها عن وطن لا يُختزل في خط حدود، ولا يُختزل شعبه في قوائم قومية، ولا تُختصر هويته في نشرة الخامسة مساءً.

في السودان، حيث تحوّل التاريخ إلى أداة محو، والمركز إلى مكبر صوتٍ واحد، نسأل :
كيف نُعيد تعريف أنفسنا دون أن نعيد إنتاج من حذفنا؟
كيف نبني وطنًا لا يشبه خرائط الاستعمار، ولا يكرر شعارات الثورات المغدورة؟

الوطن ليس مكانًا… إنه شعور

لا نقبل أن يُختصر السودان في :

خط مستقيم مرسوم بيد مرتجفة على خريطة استعمارية.

دستور مكتوب بلغة لا تُسمّي أسماء موتانا.

عاصمة تبتلع أحلام الهامش وتُعيد تصديرها أوامر.

الوطن الحقيقي يبدأ حين :

يكون لدمعة أم في نيالا نفس الوزن الذي لدمعة أم في بحري.

نغني من جبال النوبة بنفس النبرة التي نغني بها في سنار.

نرى في جرح الفرد خريطة شعبٍ لا يزال ينزف.

هناك، في هذا التشارك الوجداني، يُولد السودان.
لا في الجغرافيا فقط، بل في الوجدان المشترك، وفي الإصرار الجماعي على أن يكون لنا وطن، حتى لو لم يُصمَّم من أجلنا.

لماذا نظرية شعورية الآن؟

لأن السودان يعيش أزمة معنى، لا فقط أزمة حكم.
لقد جُرّدنا من الحق في أن نشعر، وفرضت علينا لغة “الواقعية” كقيد على الحُلم.
أُخضعنا لمقاييس الانتماء التي يكتبها المركز، ويوقّعها من لم يعرف طعم الفقد.

النظرية الشعورية ترفض أن تُختصر السودانية في جواز، أو لهجة، أو جغرافيا.
السوداني هو من أحب هذا التراب دون قيد، ومن قاوم محاولات مسحه من النص الوطني، ولو عبر البكاء فقط.

الجمهورية الشعورية: ما البديل؟

جمهورية تُبنى من الأسفل، من وجدان الناس لا من نُسخ الدساتير.

جمهورية تتحدث بكل اللهجات، وتكتب التاريخ بأصوات المجهولين.

جمهورية تُروى في الزنزانة، لا تُقرأ فقط في البرلمان.

هذه ليست جمهورية إسفلت، بل جمهورية الحوش، والظل، والبكاء العلني، والاحتفال الجماعي بالحق في البقاء.

خريطة الكتاب: من الدم لا من الحبر

ليس هذا الكتيب تحليلًا تقنيًا، بل مشروعًا لبناء دولة من الداخل، من داخل الشعور، من داخل الأسى.

  1. نُعيد عبره تعريف لغة الانتماء : كيف نتكلم عن السودان بلغة لا تقتلنا؟
  2. نُفكك به احتكار الهوية: من الذي يملك حق التسمية؟
  3. نبني من خلاله عقدًا شعوريًا جديدًا: حيث المواطنة ليست وثيقة، بل ندبة نحملها معًا.

ردًا على من سيقول: “هذا الكلام عاطفي”

نقول:

  • إن أكثر الأنظمة استبدادًا جاءت ببرامج عقلانية باردة.
  • وإن أعظم الثورات خرجت من رحم المشاعر التي ظنّها الحكّام ساذجة.
  • هذه النظرية لا تهرب من الواقع، بل تُمسك نَفَسه المختنق لتمنحه اسمًا جديدًا.

ختامًا:

سنبدأ من حيث انتهى الآخرون:
من أن الوطن ليس وثيقة، بل دمعة.
ليس حدودًا، بل قصة.
ليس مشروعًا هندسيًا، بل شعور يتجدّد كلما قال أحدهم:
“هذا دمي… وهذا ترابي… وهذا تاريخي… وهذا حلمي.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى