عروة الصادق يكتب .. النظرية الشعورية السياسية – تأصيل لوعي جمهوري بديل في السودان – الحلقة الرابعة – (4)

النظرية الشعورية السياسية- تأصيل لوعي جمهوري بديل في السودان 4
عروة الصادق
orwaalsadig@gmail.com
السيادة الشعورية والتمثيل الوجداني
كيف تتحول الدموع إلى دستور؟ وكيف يصبح الوجع شرعية؟
مقدمة: السيادة التي لا تُرى بالعين… تُحس بالقلب
لطالما كرّست دساتير العالم عبارة واحدة: “السيادة للشعب”.
لكن السؤال الأعمق يظلّ :
أين يختبئ هذا الشعب حين تُتّخذ القرارات؟
لماذا نجد السيادة دائمًا في :
قصور الرئاسة، لا في زُقاق الحاجة.
بروتوكولات المؤتمرات، لا في أنين الضحايا.
لغة القانون، لا في نبرة الأم الثكلى؟
النظرية الشعورية لا تعترف بالسيادة التي تُنطق ولا تُحس، بل تقول:
“السيادة الحقيقية تُقاس بمدى اقترابها من الدمع، لا من مسافة السلاح.”
أولًا: السيادة ليست حكرًا… بل جرح مفتوح
في المفهوم التقليدي، السيادة تُختزل في :
الحدود، والجيش، والعملة.
وتُحتكر عبر من يُتقنون لغة الأمم المتحدة.
أما في الجمهورية الشعورية، فهي تتجسّد في :
دمعة الطفل الذي يُهجّر من “حلفا” دون أن يُفهم لماذا.
صمت العجوز في “جبال النوبة”، وهو يحمل ذكريات مجاعة بلا توثيق.
غضب الشاب في “الجنينة” حين يكتشف أن اسم مدينته محذوف من أطلس المدرسة.
“السيادة ليست وثيقة توقّع في جنيف، بل هي الندبة التي تشتعل حين يُقال ‘دارفور’ في قاعة باردة.”
ثانيًا: التمثيل الوجداني – أن تكون صوت من لا يُسمع
الفرق الجوهري بين النائب البرلماني والممثل الوجداني :
الممثل الوجداني هو :
الطبيب الذي يقول للوزير: “كاودا ليست رقمًا”.
المعلمة التي تُدرّس تاريخ أطفال “الفاشر” باعتزاز لا بعار.
الشهيد الذي صرخ قبل أن يُقتل: “أنا من الهامش… ودمي يصلح لكل الوطن”.
ثالثًا: كيف تُمارَس السيادة الشعورية؟
أ. بالرفض :
رفض أن تكون الشرعية حكرًا على من يتقنون الديباجة.
رفض أن يُختزل الوطن إلى “مشروع استثماري بلا روح”.
ب. بالبكاء الجمعي :
حين يصبح حزن “البجا” في الشرق صدى لحزن “النوبيين” في الشمال.
حين يُقال علنًا: “نحن لا نعرف بعضنا، لكننا نعرف ألمنا الواحد”.
ج. بالتوثيق العاطفي:
حين يُكتب الدستور من قصص الذين لم تُسمَع أصواتهم من قبل.
حين تصبح الذاكرة الجمعية أعلى سلطة من المحكمة الدستورية نفسها.
رابعًا: من يُقرّر من هو السوداني؟
الجمهورية الشعورية تجيب بوضوح :
ليس الدفتر العائلي… بل الدمعة المشتركة.
ليس النسب… بل الغضب من الظلم.
ليس الوثيقة… بل الإجابة على سؤال واحد:
“هل بكيت على غريب؟”
ختامًا: ليست رومانسية… بل رياضيات وطنية جديدة
السيادة الشعورية ليست خيالًا، بل أدق أداة لقياس الحضور الشعبي.
كل دمعة = صوت انتخابي.
كل جرح مُسكت عنه = مقعد في البرلمان.
كل قصة مرفوضة = بند دستوري مؤجل.
“يوم يصبح دمع أم في ‘دارفور’ مساويًا لدمعة خبير في ‘الخرطوم’…
يومها فقط نعلم أن السيادة، أخيرًا، صارت للشعب.”