مقالات

الاديب شقيفة يكتب .. التفكير النوستالجي بين الحنين والإعاقة

في عالمٍ تتسارع فيه الأحداث وتتعاظم التحديات، يجد البعض في الحنين إلى الماضي ملاذًا نفسيًا يخفف من وطأة الحاضر. يُعرف هذا الشعور بـ”النوستالجيا”، وهو استدعاء ذكريات الماضي بمشاعر دافئة، قد تمنح الإنسان لحظات من السكينة والاطمئنان.

النوستالجيا: سلاح ذو حدين

تشير الدراسات إلى أن النوستالجيا يمكن أن تحمل فوائد نفسية، مثل تحسين المزاج وتعزيز الشعور بالانتماء والتواصل الاجتماعي. فعندما يتذكر الإنسان لحظات سعيدة من ماضيه، قد يشعر بالراحة ويستمد منها قوة لمواجهة تحديات الحاضر [1] .

ومع ذلك، فإن الإفراط في الغوص في ذكريات الماضي قد يؤدي إلى نتائج عكسية. فقد يتحول الحنين إلى الماضي إلى عائق يمنع الإنسان من التفاعل مع واقعه، ويزيد من شعوره بالوحدة والعزلة [2] .

كما أن التعلق المفرط بالماضي قد يجعل الحاضر يبدو باهتًا، ويقلل من قدرة الفرد على اتخاذ قرارات فعالة في الوقت الراهن [3] .

التوازن بين الماضي والحاضر

من المهم أن نُدرك أن الماضي، بكل ما يحمله من ذكريات، لا يمكن أن يعود. فالزمن يمضي، والتحديات تتغير، وما كان مناسبًا في حقبة معينة قد لا يكون كذلك اليوم. لذا، يجب أن نستخدم ذكرياتنا كدروس نستفيد منها لبناء حاضر أفضل، بدلاً من أن نعيش في ظلها.
في السودان، على سبيل المثال، يواجه المواطنون تحديات جسيمة، من نزاعات مسلحة إلى أزمات اقتصادية وإنسانية. وفي مثل هذه الظروف، قد يكون التفكير النوستالجي مغريًا، لكنه لا يقدم حلولًا عملية. بل قد يُعيق الجهود المبذولة للتغيير والإصلاح.

دعوة للتأمل والعمل

بينما يمكن أن يكون الحنين إلى الماضي مصدرًا للراحة، يجب أن نحرص على ألا يتحول إلى قيد يمنعنا من التقدم. فلنستخدم ذكرياتنا كوقود يدفعنا نحو مستقبل أفضل، مستفيدين من دروس الماضي لبناء حاضر مزدهر. فلننظر إلى الأمام بعين الأمل والعمل، مستلهمين من تجاربنا السابقة، ولكن دون أن نُقيد أنفسنا بها.

في النهاية، النوستالجيا ليست سوى أداة، يمكن أن تكون مفيدة إذا ما استخدمناها بحكمة، ولكنها قد تصبح عبئًا إذا ما تركناها تتحكم في مسار حياتنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى