مقالات

الاديب شقيفة يكتب .. من أجلهم نتعب

سألني أحدهم، بنبرة استغراب وشيء من الواقعية الجافة: “لماذا تُتعب نفسك، وتكتب وتنشر وتنادي بالقيم والمعاني، والناس لا يقرأون؟ لا يتفاعلون؟ لا يعرفونك وربما لا يبالون بك؟”ابتسمت، وأجبته بكل يقين: أنا لا أكتب من أجل أن أعرفهم أو يعرفوني، بل أكتب من أجلهم، من أجل أولئك الذين لا صوت لهم، ولا وقت لديهم ليكتبوا أحزانهم.

أولئك الذين يقرأون بصمت، ويشعرون أن هناك من يعبّر عنهم، دون أن يطلب منهم مقابلاً. أتعب نفسي من أجل من يبحث في الزوايا المظلمة عن شمعة تضيء روحه المتعبة، عن كلمة تشد أزره وهو يتهاوى في صراعات الحياة. من أجل الأرواح المنهكة التي لا تملك ترف الكلام، ولكنها حين تجد جملة صادقة، تشعر أنها كُتبت خصيصًا لها.

من أجل الذين لم نرَهم يومًا، ولكنهم يقرأوننا بقلوبهم، ويبتسمون رغم الجراح. من أجل الذين يحتاجون إلى معلومة صغيرة تغير مسارهم، أو فكرة تضيء لهم طريقًا في عتمة الواقع. من أجل من فقد الأمل، ويرى في حرفٍ عابر حياة.الكتابة ليست رفاهية، ولا وسيلة شهرة، إنها رسالة.

إنها مرآة الضمير، وصوت القيم، وهمسة صدق في عالم يعلو فيه الضجيج، نحن نتعب لأن هناك من يستحق، لأن هناك من ينتظر، لأن هناك من يتغير، ولو بحرف. وإذا كان التعب طريقًا نحو إشعال شمعة واحدة في ظلام أحدهم، فليشهد التاريخ أننا تعبنا من أجلهم، لا من أجل التصفيق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى