رئيس فرسان الشرق ابو فاطمة يكتب .. (طوكر) الجريحة مابين قسوة الإهمال وتراكم المظالم – (1)

في الركن الجنوبي الشرقي من السودان، في ولاية البحر الاحمر، تقف مدينة طوكر ذات الاراضي الخصبة شامخة شاهدة على حكاية طويلة من الألم والتجاهل.
فطوكر، المدينة الصغيرة والضاربة بجذورها في عمق التاريخ، لم تكن يومًا مجرد موقع جغرافي، بل كانت رمزًا لصمود إنسانها أمام قسوة الإهمال وتراكم المظالم التي افقدتها اهميتها الاقتصاديه الكبيره التي شيدها وقتذاك ممتاز باشا عندما ادخل زراعة القطن كمحصول رئيسي .
ومنذ سنوات ماضية، تعاني مدينة طوكر من غياب تام في التنمية والخدمات الضرورية تجاه انسانها المغلوب علي امره، إذ لا توجد شبكة طرق تربطها بباقي الولايات، ولا حتي مستشفيات تلبي الحاجات الأولية لإنقاذ الأرواح، ولا حتي مدارس تفتح نوافذ الأمل لأطفالها الذين يحلمون بمستقبل واعد.
في واقع الامر ان بعض المناطق ممنوعه من أبسط الحقوق الإنسانية، وتفتغر علي سبيل المثال لعدم وجود بئر من خلالها يتم توفير الماء الصحي والنقي “النظيف” او تشييد مسجد ثابت اوبناء مدرسة نظاميه لتعليم ابنائها كباقي اطفال السودان ، هذه الحقوق ما زالت أمنية بعيدة المنال في كثير من قراها.
المتابع لتاريخ المنطقة المرير في العام 1997، عندما اندلعت الحرب بين الحكومة والمعارضة، فرضت السلطات حالة طوارئ خانقة على محلية طوكر والمناطق التابعة لها.
كانت أوامر الطوارئ تقيّد حياة المواطنين بأوامر أمنية مجحفة، تحدد ما يُسمح لهم بإدخاله من مواد غذائية، عبر تصاريح مذلة يسمونها “خطاب الحوجة” وظل هذا القيد الجائر مفروضاً عليهم وخصوصا جنوب طوكر الكبري لما يقارب 28 عاماً هذا ما كان يحدث بالفعل الي حين تم ألغاء القيد أخيرًا في 26 فبراير 2025، بضغط من الناشطين والسياسيين وأبناء المنطقة الشرفاء.
اذكر : من بين ابشع المآسي التي عاشها انسان المنطقة ففي شهر أغسطس العام الماضي 2024، حيث اجتاحت الفيضانات مدينة طوكر مما تسببت في ازهاق روح اكثر من عشرين من أبنائها، هذه الحادثة التي يذكرها التاريخ تركت وراءها دمارًا في المنازل والمزارع وافرزت واقعا بيئيًا خطيرًا، ورغماً من فداحة المأساة، لم تواكبها استجابة إنسانية كافية تليق بحجم الكارثة.
مما ذكر هذا جزء ما يعانيه انسان منطقة طوكر المنسية غير الفراغ الامني، وخاصة في الاونة الاخيرة لدرجة تكاد البلدة أصبحت ساحة مفتوحة لتجار الموت الذين يستغلون غياب الدولة والفراغ الأمني، وهذا لعمري تطور خطير، يتطلب وقفة جادة وخاصة بعد ان أعلنت السلطات بالمنطقة عن طبط كميات كبيرة من المخدرات جنوب طوكر، وبالتالي ان قضية المخدرات تتطلب وقفة جادة أمام حلقة تدمير مجتمع انسان المنطقة وحماية شبابها من التدمير لانهم المستقبل الواعد وللحديث بقية ..《 ونواصل》