الاديب شقيفة يكتب .. كيف حوّلت الحرب الخرطوم من عاصمة إلى مدينة أشباح ..؟

مرّت ما يقارب 1000 يوم منذ أن دوّت أولى طلقات الحرب في 15 أبريل 2023، وانزلقت البلاد في أعمق أزمة عرفتها منذ الاستقلال. حرب لم تكن فقط معركة على السلطة، بل كانت معركة على الهوية، والبقاء، والاتجاه.
1000 يوم حوّلت الخرطوم من عاصمة إلى مدينة أشباح، وشردت الملايين من بيوتهم، وحوّلت الأمل إلى مجرد ترفٍ لا يليق بالنازحين. لم تكن الحرب عابرة، بل حفرت عميقًا في الجغرافيا والسياسة والنفس.
سياسيًا:
انهارت الدولة، وأُعيد تشكيل مفهوم “الشرعية” على أسس السلاح لا الدستور. سقطت كل الشعارات التي رُفعت، وتبخرت شعارات الثورة والديمقراطية في دخان القذائف.
ظهر جيل جديد من “قادة السلاح”، واختفى صوت السياسة المدنية وسط صخب البنادق.
اقتصاديًا:
- الجنيه فقد قيمته، والأسواق فقدت استقرارها.
- المشاريع الزراعية والصناعية توقفت، والموانئ أصبحت أوراق مساومة بين أطراف النزاع.
- أصبح اقتصاد الحرب هو السائد: التهريب، السوق السوداء، والمعونات مقابل الولاء.
اجتماعيًا:
- تمزق النسيج الاجتماعي، وظهرت خطوط صدع بين القبائل والمدن والمناطق.
- الكراهية التي ولّدتها الحرب ستحتاج لجيل كامل من المصالحة والعدالة لتُشفى.
- النازحون باتوا يشكلون خارطة ديمغرافية جديدة، تفرض وقائعها على المستقبل.
إقليميًا ودوليًا:
تحوّلت السودان إلى ملعب لتصفية الحسابات الإقليمية.
- تلاشت السيادة الفعلية، وأصبح قرار الحرب والسلم يُدار من خارج الحدود.
- رغم كل ذلك، العالم اكتفى بالإدانة اللفظية، وترك البلاد تنهار على مهل.
ختامًا:
1000 يوم من الحرب كانت كافية لتدمير ما بُني في 70 عامًا، لكنها قد تكون كافية أيضًا لزرع وعي جديد.
وعي بأن الحرب لا تُورث إلا الدمار، وأن الدولة لا تُبنى على الخراب، وأن الوطن ليس غنيمة، بل أمانة.
فإما أن نخرج من هذا النفق بوطن جديد، أو نبقى عالقين في نفس الحلقة الجهنمية التي نعيد فيها كل 10 سنوات ما دمّرناه في السابقة.
#بقلمشقيفة
#تداعياتالحرب
#نهاية_2025