مقالات

بارود صندل يكتب .. صمود..(عقلية) قصائية..؟!

صمود..(عقلية) قصائية..؟!

كتب: بارود صندل رجب المحامي

بعد اطلاعي علي الوثيقة لا اري خلافا كبيرا حولها فيما يتعلق بتشخيص أزمة البلاد ولا بالاهداف الذي يريدها التحالف ولا بالاسس والمبادئ التي تنهي الحروب ، ولا باطروحات العملية السياسية ، وكذلك مهام الفترة الانتقالية ، وبالجملة فان ما ورد في الوثيقة لا تختلف كثيرا ولا قليلا عن ما ورد في الاتفاق الاطاري ، وفيما يتعلق بالحرب وآثارها لا خلاف ايضا في طرح الوثيقة ، ومع ذلك لدينا ملاحظات علي النحو التالي:


اولا:
لماذا تاخر المشروع الوطني الجامع كل هذا الوقت ؟
منذ أندلاع الحرب ، تمايزت الصفوف ، وانقسم الناس الي فسطاطين ، فسطاط الحرب واستمرارها ومشايعة العسكر وتقويض مسار التحول الديمقراطي، وفسطاط لا للحرب والدعوة الي وقفها وكفكفة مخاطرها والعودة الي مسار العملية السياسية الذي يخلع العسكر عن الحكم ،،،
وبالتالي فان كل فريق يجمع خيله ورجله لتحقيق اهدافه ،، ولما كان الامر كذلك فلماذا تاخرت القوي المدنية في لملمة اطرافها والاتفاق علي ميثاق ؟


والآن ما هي الآليات التي يمكن اتباعها في الاصطفاف حول رؤية موحدة ، لانجاز ما ورد في الوثيقة ؟
نحتاج الي تحرك عاجل لتنظيم القوي المدنية الرافضة للحرب تحت مظلة واحدة تحمل وثيقة توافقية في حدها الادني لانقاذ البلاد ، فعلي التحالف ان تتقدم بالاتصال ببقية القوي باعجل ما يتيسر وذلك متاع بوسائل شتي ،لابداء رايها في الوثيقة ومن ثم اعادة صياغة الوثيقة والتوقيع عليها ، والشروع فورا في خطوات عملية لايقاف الحرب ،


ثانيا:
القول بان القوي العسكرية والامنية رفضت الانصياع لارادة الشعب ، واستمرت في تقويض المسار الديمقرطي بانقلاب الخامس والعشرون من اكتوبر ٢٠٢١ ، قول صحيح ، لا خلاف عليه ، ولكن أليس من الامانة الاشارة الي ان قوي الحرية والتغيير والتي اعتلت سدة الحكم وتسلمت مقاليد البلاد بعد الثورة ، ساهمت هي ايضا في تقويض الثورة وتعطيل التحول الديمقراطي !!


حدثت في البلاد اشياء في فترة حكم قحت ، التحالف الذي وصف بأنه الاوسع في تاريخ البلاد ، انحدرت البلاد نحو الهاوية ، اتسمت الثورة بحالة من الانفلات المدمر ، عدم وضوح الرؤية ،،الخ الاعتراف بالاخطاء ، هو البداية الصحيحة لاصلاح المسار ، وبالتالي ما هي الضمانات الموضوعية لعدم العودة الي الاخطاء بل الخطايا التي تسببت في تقويض الثورة واندلاع الحرب؟


ثالثا:
ما زالت عقلية الاقصاء بل الاملاء علي الشعب تعشعش في عقول كثير من قوي التحالف ، هنالك من القضايا مثار خلاف بين القوي السياسية وهي قضايا يراها البعض من ثوابت الامة ولا يجوز ان يبت فيها الا الشعب عبر استفتاء او عبر ممثلي الشعب في برلمان منتخب ،، وبالتالي فان ماورد في الوثيقة في هذا الشان يخالف النظر السليم ولا يساعد علي لملمة اطراف القوي المدنية ، القول بتفكيك بنية النظام السابق والاسلام السياسي الراديكالي المسلح ،، هذا التوصيف ينم عن نية مبيته لاقصاء القوي الاسلامية علي الجملة دون تمييز ، كان يمكن الاشارة الي المؤتمر الوطني الذي أستغل الاسلام في الافساد في الارض ،، فاخطاء المؤتمر الوطني لا ينسب الي الاسلام ولا يتحمل وزرها كل الاسلامين ،،،


وكذلك القول ، ببناء وتأسيس دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية , يقوم علي فصل تام بين الانتماء الديني للمواطنين والدولة ؟
يعني بالبساطة ان ينخلع الشخص عن دينه ويقبل علي الدولة ، فالمسلم مطالب بان يبذل كل ما في وسعه من جهد دفاعا عن الحق والعدل والصدق والخير والاحسان وكل المبادئ والفضائل التي جاء بها الاسلام ، وهو مطالب بكل ذلك ليست امتيازا له او حقا يستطيع ان يتنازل عنه ولكنها واجبات شرعية ، والاسلاميون يناضلون من اجل مجتمع وحياة فاضلة لكل انسان لا يجوع فيها ولا يعري ، حياة من الاخاء الحق ومن المساواة الحق ، والحرية هي انسامها ومن حق كل مواطن ان يمارسها وان يقوم الحاكم اذا اخطأ وان يضرب علي يد المستبد المستغل ، نترك كل هذا حتي نكون مؤهلين للدخول الي دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية ،، هذا هراء ولا مكان له من الاعراب ، وان صياغة هذا النص ، تكفي وحدها لاثبات وجود العقلية الاقصائية في ثنايا التحالف ،،


والقول ايضا ، بان الدولة تقف علي مسافة واحدة من جميع الاديان والمعتقدات،، يجانب الحقيقة تماما ، ما هي الاديات والمعتقدات التي تتزاحم في البلاد ، حتي نضطر الي المساواة بينها ،، مثل هذا النص لا يخرج من شخص عاقل مدرك لاوضاع البلاد ، نص ملغوم للاثارة والبلبلة،، ومع احترامنا لجميع المعتقدات السماوية والارضية الا ان الحقيقة التي لا يمكن حجبها هي ان الاسلام هو غالب دين اهل السودان ، فمن غير المعقول ان نساويه (بكريم المعتقدات ، مثل الكجور )،،
كان يكفي الاعتماد علي النص (المواطنة المتساوية هي أساس الحقوق والواجبات الدستورية دون ادني تمييز ،، الخ،، هذا النص يحفظ حقوق الجميع المسلم وغير المسلم،،،


هذه مجرد ملاحظات شخصية في الوثيقة ، التي طرحها التحالف للنقاش ، وفي تقديري يجب علينا في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ البلاد ان نتجنب القضايا التي تزيد الشقة بين اهل البلاد وهي قضايا يمكن ترحيلها الي المؤتمر الدستوري ،
الاولوية ان نخلص البلاد والعباد من هذه الحرب العبثية ومن ثم تأسيس حكم مدني انتقالي ، لقيادة البلاد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى