مقالات

الإتجاهات الستة نادر التوم .. نظرة بعمق داء السعر (حرب جديدة)

الإتجاهات الستة نادر التوم

نظرة بعمق

داء السعر (حرب جديدة)

(1)
كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا عاد من الحرب يقول: (عدنا من الجهاد الأصغر، إلى الجهاد الأكبر : (جهاد النفس)
و معركة الكرامة الحقيقية، هي المعركة (ضد النفس) و هواها ، و( رعوناتها)، معركة السلاح جهاد أصغر ، و معركة النفس جهاد اكبر، لأنها العدو الدائم المتجدد، بينما الحرب قد تتوقف بهدنة، أو اتفاق، أو انتصار (كاسح)، رغم انف الذين يقولون خلاف هذا،
و قد قيل: (الذي يهزم نفسه أشجع من الذي يفتح مدينة)
(2)
لكن يبدو أننا ضعاف جدا و واهنين، بدرجة كبيرة أمام أنفسنا، هزمتنا مرارا و تكرارا، و بسبب معاركنا التي تجرنا إليها، لم تدعنا تلتقط أنفاسنا بعد العودة لنفأجأ بحروب أقسى و أشنع!
حروب أشد ضراوة من فتك الدانات، و قعقعة الرصاص، و قصف الطائرات ، و رعب المسيرات، حروب تجاه بعضنا البعض، الحكومة و الشعب، حروب لا منتصر فيها، و الخاسر الأكبر هو المواطن، الذي ظن أنه بانتهاء (كابوس) الحرب سيعود أكثر اشراقا و ايراقا و (روقانا)، لكن هيهات! فالكابوس الآن أخطر
(3)
سأضرب أمثلة حتى لا نلقي الكلام على عواهنه:
قرار حكومي يخفض قيمة (بدل الوجبة)، التي هي اصلا لا تسوى شيئا، مقابل الأسعار ،التي تزداد يومبا، بل أكثر من مرة في اليوم الواحد (أحيانا)
و هنا لابد أن نشير الي التجار (الجشعين)، الذين ما اتعظوا من الحرب، و ما ارعووا.
لديكم خسائر؟ نقدر ذلك لكن من الذي ليس لديه خسائر؟؟؟
و هل تعويض الخسائر يتم هكذا، على قفا المواطن؟ و (على قفا من يشيل)؟؟؟
(4)
(هظرتا)، في مقال سابق و (حذرنا)، من مغبة أن تحاسبنا هيأة الكهرباء (القاطعة) ـ بأثر رجعي ـ ، و يبدو أن الهزار تحول لجد و حقيقة، فالحملات على (الجبادات)، (تمضي قدما)، و ذاك أمر جيد، لانه سلوك مشين من المواطن حال السلم، لكن هل وفرتم له بدائل (الكهرباء ما ساءلنكم منها)!
(5)
ناس الضرائب لم يقصروا ،و ابتدعوا قرار الفاتورة النهائية تحديدا لأصحاب المغالق في بعض مدن السودان، لأن الناس العندها قروش، و المكتوبة بنار الايجار ستحاول أن تعمر( أعيانها المدنية)، فإذا بالضرائب تفرض 17٪ قيمة مضافة يدفعها المواطن
(6)
أما الاتصالات و المواصلات فأمرها عجب، و أسعارها نصب، شركات الاتصالات (جزاها الله خيرا)، لم تقصر في وقت الحرب ، بل قدمت خدمات مجانية، لكن أسعار الاتصال، و خدمات النت صارت تزيد بصورة (خاطفة)، لدرجة أنهم لا يتمكنون من التعديل في القائمة، تنشط خدمة، يأتيك الرد (رصيدك غير كاف)، لتكتشف أن الخدمة (زادت)، أما المواصلات فهي كابوس و حرب أخرى، التجوال داخل محافظة يكلفك كثيرا ، أما إذا ذهبت من ام درمان إلى بحري أو شرق النيل فعليك أن تملأ جيوبك!، أما السفر للولايات فيحتاج (ميزانية)!
بيع و شراء الحاجات المسروقة، لا يزال مستمرا، و القليل من ينأى عن تلك التعاملات في هذه الظروف!
(7)
اما ناس (الجبايات )، بأشكالها المختلفة (يجوبون) الاحياء و الأسواق، التي يقاتل أصحابها لانعاشها و تشغيلها، و اي رسوم تففرض هي عبء على المواطن ابتداء من (الرغيفة)، التي أصبح ثمنها 200، و هنا أوجه سؤالا للمتمشيخ المليشي مزمل (فقير)، الذي كان يسخر من الصوفية و اهل الله، بأن الأرض أنتجت محصولا لم يسبق له مثيل، أين هو هذا المحصول؟ ام هربتموه معكم إلى الدول التي هربتم و فررتم اليها؟؟، و ما فائدة المحصول و الارض، و المساحات إن كانت لا تسد رمق أهلها؟؟؟؟؟
(8)
في خضم هذا لوضع، تتعارك الحركات المسلحة و غير المسلحة، على الوزارات و وزراء تلك الوزارات( الخلابة)، يمارسون مزيدا من الضغط على المواطنين، بالقرارات المجحفة، و لا وزير يصدر قرارا واحدا في مصلحة الوطن و المواطن، (يصدر) فقط، دعك من ينفذ!
(9)
حتى التلاميذ و الطلاب في مراحل التعليم المختلفة، تفرض عليهم رسوما باهظة، و (يساومون) بدفع المال مقابل (القراية)، و كأنهم هم الذين أشعلوا هذه الحرب، و وزراء و مسؤولو (القرابة)، و التعليم العالي يتفرحون، و كثير من التلاميذ و الطلاب، الذين بالكاد يجدون وجبة من التكية (خالي عيش)، تركوا التعليم، الذي أصبح تجارة.
(10)
و لن نعفي المواطنين، فبعضهم يكسر، و ينهب بيوت جيرانه، الغائبين، و البعض متفلت، و (متفلت) بأزياء عسكرية أو ملكية، ينهبون المارة و هواتفهم.
ـ المستشفيات مزدحمة و اذا اردت أن تتعالج لابد أن تدفع
ـ أحد الزملاء عاد لبيته (المؤجر)، و لمدرسته المدمرة، ليواصل أداء رسالته في ظروف قاهرة، و بيئة طاردة، ليفاجأ بأن (سيد البيت) يطلب ايجارا 500 الف (في الشهر)، ما يقرب للألف ريال سعودي، و ثلاثمائة دولار، معلم راتبه مائة ألف، و يطالب بإيجار (خمسة أضعاف الراتب)، و الحكومة تخفض بدل الوجبة. و لا تزيد المرتب جنيها واحدا
(11)
ـ الرشوة تفشت أكثر من قبل الحرب و هذا موضوع يستحق أن يفرد له مقال لأهميته و خطورته
ـ المحروقات، البنزين و الجازولين، صار هناك سعرين سعر الطرمبة و السوق، و انتشرت البراميل و (الكريستالات)، و الصفائح و الجركانات على الطرق، و في الأسواق و المحال التجارية،بنفس وضعها قبل الحرب، أما الغاز فهو أضحى عبارة عن (الغاز) أسعاره تزيد، و ليس متوفرا!
(12)
باختصار هناك (حالة سعر) عامة، كل شخص (يعض)، و (يفترس) أقرب زول اليه، و النفوس مريضة، و كما قالت المغنية : الناس قلوبها وسخانة، محتاجة عمرة و صيانة
و ان كان هذا قبل الحرب، فهم الآن يحتاجون لصيانة أكثر ، و ترميم أكبر لتلك القلوب، قبل البيوت و الشوارع (هذا إن لم يفرض ناس الضرائب رسوما على تعمير و بناء تلك القلوب)، و علي طريقة (الخواجة يصور ساكت،)، الحكومة تتفرج ساكت، و تدعو الناس للعودة، و هي لا تريد أن تعود.، لتوقف هذا العبث و تداوي الناس من فيروس السعر هذا
اللهم صل على سيدنا محمد نبي الرحمة و كاشف الغمة و على آله وصحبه و سلم!
و الله أعلم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى