عين على الحقيقةالجميل الفاضل”مؤتمر واشنطن”، هل يصبح مضماراً لسباق حواجز؟

عين على الحقيقة
الجميل الفاضل
“مؤتمر واشنطن”، هل يصبح مضماراً لسباق حواجز؟
كأن السودان قد دخل في سباق طويل بلا خط نهاية.
هي حربٌ ضارية، دمارٌ ممتد، وتدافع إقليمي ودولي يبحث عن مدخل للحل، بينما كل الطرق تُفضي إلى حاجز واحد قديم ومتجدد، إسمه: “التعريف السليم للواقع”.
هذا المفهوم الذي يُلقي به تحالف الجيش بوجه كل مبادرة، وكل مؤتمر، وكل وساطة، أصبح أشبه بالحاجز الحديدي الذي يجب القفز فوقه قبل أن يُسمح لأي طرف بالدخول إلى مضمار التسوية.
مؤتمر واشنطن الرباعي المرتقب، بمشاركة وزراء خارجية الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، ومصر، يُروج له كفرصة ذهبية لكسر جمود الحرب، لكن الحقيقة أن المؤتمر يشبه كثيراً سباق الحواجز الأولمبي.
الحاجز الأول: هل يُعترف بالدعم السريع طرفاً في معادلة سياسية يفرضها الواقع؟ رغم أن الجيش المكابر يرفضها رفضاً مطلقاً.
الحاجز الثاني: هل يمكن للإمارات لعب دور الوسيط؟ الجيش يختزل دورها في أنها مجرد دولة عدوان كما يظن ويروج.
الحاجز الثالث الخطير: هو سؤال من يمثل الشرعية الآن؟ البرهان يقول “أنا الدولة”، بينما هو لا يعدو في الحقيقة وعلي افضل الفروض أن يكون أحد أطراف هذا النزاع القائم حاليا، هذا النزاع الذي يعج باجندات أيديولوجية واثنية ومناطقية، وبمغانم ومصالح لوردات حرب.
الحاجز الرابع: هل يستطيع هذا المؤتمر أن يجمع الجيش والدعم السريع علي طاولة واحدة بعد حرب ضروس قضت علي كل أخضر ويابس، دمرت الديار وخربت النفوس؟.
المفارقة أن “التعريف السليم” ذاته الذي يرفع اليوم كقميص عامر، ليس تعريفاً سليماً، بل قد أضحي هو في الحقيقة ورقة أو سلاحا تفاوضيا يرمي به قبل بدء كل تفاوض.
فالجيش يريده اعترافاً بشرعيته وحربه.
والدعم السريع يراه نفيًا وسعيا لإقصائه من خلال وصفه بالتمرد.
الرباعية تحاول تجاوز كل هذه الحواجز دون إسقاط اي من العدائين من فوقها.
لكن.. ماذا لو رفض أحد العدائين القفز؟ تري هل يتوقف السباق؟ أم يُقصى الرافض مهما كان الثمن هذه المرة من حلبة السباق؟.
واشنطن أمام اختبار دقيق، هل تنجح هي في إعادة تعريف مسار الأزمة، أم تتحول طاولتها إلى ساحة صدام أخري بين السرديات المتضاربة والروايات المتناقضة؟.
ثم هل تنتصر عجلة السياسة على “مجد البندقية”؟ أم تُجهض المبادرة على عتبة أول حاجز يُسمى “التعريف السليم للواقع” ككل مرة؟.
علي أية حال، السباق قد بدأ.
لكن العين ستظل ترقب من يتعثر أولاً، وعلي أي حاجز سيقع في النهاية؟