مقالات

مجاهد عبدالله الفاطرابي يكتب .. الحقيقة (المرة)..؟!

الحقيقة (المرة)..؟!


كتب: مجاهد عبدالله الفاطرابي


الحقيقة التي يتهرب منها الكثيرون، أو يتعمدون القفز فوقها.. (تكمن) في أن الصراع المحتدم في السودان ليس كما يظنه البعض صراعا سياسيا بين تيارات وأيديولوجيات..وانما في تقديري هو صراع اجتماعي جهوي متجذر، تعود جذوره إلى ما قبل الاستقلال، وربما إلى عهد الثورة المهدية.. وبالتالي فانه ليس نزاعا بين اليمين واليسار.. ولا بين الإسلاميين والعلمانيين ولا حتى بين (الكيزان و”القحاتة)؛ بل هو انعكاس لخلافات اجتماعية عميقة.. حاولت النخب السياسية إلباسها (أثواب) السياسة عن قصد..؟! لكنها ما لبثت أن تتكشف على حقيقتها مع كل أزمة وكل حرب..!.


وما يجري اليوم من حرب دامية، أكد بما لا يدع مجالا للشك أن الانتماء للمكون الاجتماعي أصبح هو المحدد الأول للمواقف.. حتى بين كبار الساسة والمثقفين. فقد انحاز كثيرون إلى أطراف الصراع لا وفقا لمبادئهم السياسية.. بل بناءً على خلفياتهم القبلية والجهوية، ضاربين بعرض الحائط كل الشعارات التي طالما تغنّوا بها عن الديمقراطية والعدالة والوطنية.


ولذلك إذا أردنا حلا جذريا للصراع السوداني، فعلينا أن نكف عن (التحايل) السياسي وأن نذهب مباشرة إلى جوهر المشكلة.. وهو (الصدع..!) الاجتماعي.. ولا يكون ذلك إلا بإشراك المكونات الاجتماعية الحقيقية.. من نظّار وعمد وأعيان وقادة إدارات أهلية في أي حوار يتعلق بمستقبل البلاد.


ينبغي أن تُتاح لهؤلاء فرصة للجلوس معا في حوار تاريخي صريح ومكاشفة جريئة، تُطرح فيها الأسئلة الحاسمة.. من سرق الدولة؟ وكيف؟ ولماذا؟!!! ثم يتوصلون إلى رؤى واضحة واتفاقات صادقة تضع الأسس الجديدة لبناء دولة متوازنة، عادلة، يتقاسم الجميع فيها فرص القيادة والسيادة والريادة..؟!.


أما السياسيون فعليهم أن يأخذوا هذه المخرجات و(يترجموها) إلى صيغ دستورية وقانونية تنظم الدولة الجديدة، لا أن ينفردوا كما في كل مرة بصياغة الحلول، وتوزيع الغنائم..!، و(تشتيت الكورة بعيدا عن القون..؟!)،(فيفوت) الهدف مرة أخرى.


وليعلم الجميع: لا “الرباعية”، ولا “السداسية”، ولا أعتى قوى العالم، قادرة على فرض سلام حقيقي في السودان، ما دام الجرح الاجتماعي ينزف.. فالصراع الاجتماعي لا توقفه المؤتمرات ولا تُخمده البيانات الدولية ولكن تُطفئه ناره المصالحة المجتمعية العميقة، القائمة على الاعتراف والمكاشفة والإنصاف.


وإلا فإننا اذا ذهبنا في طريق غير ذلك.. لا نأخذ سوى مسكّن لحظي، سيزول أثره سريعا وتنفجر بعده الأزمة مجددا وربما بأعنف مما هي عليه اليوم… وقتها سنجد أنفسنا في غضون سنوات قليلة قد عدنا إلى ما قبل الدولة اي ما قبل حتى الاحتلال (التركي-المصري)فهل سنتتوعب الدرس ام سندفن رؤوسنا في الرمال..؟!.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى