مقالات

من الساخر نادر التوم : سخرية الواقع و واقعية السخرية

من الساخر نادر التوم

سخرية الواقع و واقعية السخرية

قرع يضغط!

(1)
في نهر النيل (في البلد)، في أول ايام امتحانات دفعة 2023 (المؤجلة)، دخل (التلاميذ) الامتحان( بالبركة)، حيث كانت الكهرباء قاطعة طول الليل، و حتى الصباح، و الحمد لله أن الامتحان كان (الساعة اتنين و نص)، حتى يستذكروا و يراجعوا معلوماتهم!
(2)
كانت الأجواء (حارة جدا) و المراقبة أيصا، كان مطلوب من هؤلاء التلاميذ أن ينجزوا و يتفوقوا، بعد توقف دام عامين، فى وقت كان فيه بعض رفقائهم في المستوي الثاني جامعة، داخل السودان (اون أو اوف لاين)، او خارج السودان (مباشر)!
(3)
لفت نظري في تلك الأيام صورة مؤثرة جدا ، لم أستطع أن احتفظ بالتعليق عليها لوحدي، ذهبت بها إلى الزملاء، فعرفوا أن تلاميذهم بمتحنون في بيئة طاردة و بيئة (بيئة)، لدرجة أن أحدهم غالب دمعة على خده قائلا: و الله طلبتنا مظلومين و فوق كدا نحن (عاصرنهم)!
(4)
و الصورة كانت لتلاميذ يجلسون لنفس امتحان الشهادة (في بلد تاني)، كانت البيئة التي بمتحنون فيها، أقل ما توصف بأنها (سياحية)، سبعة نجوم أو تزيد، و مطلوب من طلابنا المحرومين من الذهاب لدورة المياه، و الذين يشربون كلهم (ناس بلد و وافدين) بي (كوز واحد)، من نفس الجردل، مطلوب منهم أن يحققوا درجات مثل درجات اولئك الذين توضع أمام كل واحد منهم (اولاد و بنات) قارورتان، إحداهما موية صحة و التانية (موية صفراء)، و (الاسبيلت) شغال!
(5)
و في هذا الأمتحان الأخير 2024، مفارقة مضحكة جدا، هي في ذات الإطار، و امتداد لما سبق شرحه في الاختلاف بين البيئتين
في واحدة من المدارس السودانية بالخارج، تم ضرب جرس بداية الامتحان و هو جرس كهربائي أملس يكفي لمسه بحنان حتى يصدر أصولته الجميلة، تم ضغطه برفق ليعلن عن ضربة البداية،
بينما قام السيد رئيس الوزراء (شخصيا)، – مشكورا- بقرع جرس بداية امتحانات الدفعة المؤجلة( الثانية) ، من إحدى المدارس السودانية بالسودان، بقرع جرس حديدي ضخم اثقل كاهله!
(6)
بالطبع مدارس هنا يمكن أن تعمل مثل ذلك الجرس، لكن من يضمن الإمداد و التيار الكهربائي الذي تعمل به مثل تلك الأجراس؟ و من يضمن أن تتاقلم تلك الاجراس مع هذه الأيادي، التي تعودت على الحديد؟
(7)
تخيل! مطلوب من نفس تلاميذ البيئتين، أن يتنافسوا و يتسابقوا لإحراز الدرجات العليا، و اذاعتهم و إذاعة أسماء تلاميذهم و مدارسهم في (المائة الأوائل)!
(8)
الطبيعي جدا و المتوقع أن يحرز تلاميذ القوارير، و الجرس الكهربائي، درجات أعلى من تلاميذ الجرادل و جرس الحديد، إذ تنتفي هنا مقولة المعاناة تولد الإبداع.
نعم قد يرسب و يسقط تلاميذ كثر من الفئة الأولى (المرتاحة)،
و قد يأتي اول السودان أو (أولاه) من الفئة الثانية الكادحة، لكن هذا شاذ، و الشاذ لا يقاس عليه!
(9)
في الابتدائي اقنعنا معلمو الرياضيات انك لا يمكن أن تجمع ثلاثة برتقالات مع سبع ليمونات، و الآن في هذه الامتحانات لا يمكن أن تكون المنافسة عادلة بين الفئتين، بيد أن الأمر كله مبني على الرغبة و العزيمة و الهدف، فقد يحقق تلميذ مغمور المركز الأول، و قد يسقط تلميذ توفر له كل شئ (في كل المواد) ،لكن الجميل الفرحة السودانية العامة، و العارمة، و العارمة، تكون بتفوق أبناء الكادحين في تلك الامتحانات، اما ناس الجرس الكهربائي و قوارير المياه المختلفة، فطبيعي جدا لو أحرزوا الدرجة الكاملة، حتى على مستوى شهادة تلك الدول، التي يجلسون للامتحان منها و فيها!
(10)
تخريمة: حتى شكل المدرسين هنا و هناك (اختلاف توتال)!
تدوينة: ربما يكون هذا الموضوع (مدخلا)، لكتابات قادمة في ذات الإطار.
(11)
شئ عجيب :
الكهرباء في كثير من قرى نهر النيل، التي يجلس تلاميذها لامتحانات النقل للمتوسطة، قاطعة، و أتت (تدريجيا) في بعض المدن، هل لاحظتم؟ حتى على المستوى (المحلي) مفارقات، لكني على قناعة أن (أولى) الولاية (بنت)، ستكون من (الكهربتهم قاطعة)، و ليس لديهم طاقة شمسية و لا طاقة لإمتحان!د، إن شاءالله!
و الحمد لله أن الامتحان (نهاري)، مثل الشهادة السودانية!
انتهى الزمن .. ضعوا الورق!
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد و آله!
ودعناكم الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى