الاتجاهات الستة نادر التوم .. حكومة موازية (حكومة باطن)!

الاتجاهات الستة نادر التوم
نظرة بعمق
حكومة موازية (حكومة باطن)!
إذا أتتك مذمتي من ناقص
فهي الشهادة لي بأني كامل!
(1)
قيل لأم المؤمنين سيدتنا عائشة رضى الله عنها :
إن البعض يتناول سيرة أبيك، و سيدنا عمر بن الخطاب بالسوء، فقالت – و هي حبيبة رسول الله و ابنة حبيبه رضي الله عنهما – :
لعل الله أراد أن يجري لهما حسنات بعد موتهما!
(2)
و لعل الله أراد أن يجري حسنات للسيد ابراهيم الميرغني، و هو موجود بين الناس – أمد الله في عمره – ، فما من أحد إنتاشته سهام الناس، و لاكته ألسنتهم بالسوء، و البذاءة، و( قلة الأدب)، و التعدي على حرماته، أكثر منه، رغم أن سب و قذف الناس (رجالا ونساء ، صغارا و كبارا)، صار – مع الأسف الشديد – سمة من سمات كثيرين من أبناء هذا الشعب، و هذا البلد، و بخاصة عبر الميديا و الوسائط المنفلتة، و المتفلتة الحديثة!
فما من عاطل، أو حاسد، أو مريض، الا ارسل سهامه، و تحين و اهتبل، بل و اختلق فرصة، لرمي و قذف و سب هذا الشريف، و البعض يقذف – بسوءاته و سبه المردود عليه ـ البيت الميرغني، عبر السيد ابراهيم، في تعميم مخل و اختلال عام!
(3)
السيد ابراهيم الميرغني شاب ثائر، جرئ، واضح، مفوه، اختط لنفسه خطأ في السياسة، و في الحياة عموما، خط لم يتعدي فيه على أحد ، أو يخترق حرية أحد، أو يبحث في سوءات و عيوب أحد، و لو أراد أن يسلك هذا المسلك، لوجد من السهولة و اليسر الوصول إليه، بايسر الطرق ، لكنه اختار طريق الصمت و الصبر و التجاوز.
كان موجودا مع شباب الثورة، و شباب الحزب، و شباب الوطن، في كل ما يهم إنسانه، و استقراره، و كانت آراؤه حول الكثير من القضايا واضحة و جريئة!
(4)
السيد ابراهيم الميرغني قال في حوار لإحدى القنوات : إنه كان يصعد أعلى قمة (جبل التاكا)، ليرى ما بالجانب الآخر، كان هذا – و لا زال – شغفه في الحياة، الصعود للقمم ، و اكتشاف (الما ورائيات)..
سأله أحد المذيعين محاولا اخجاله و إفحامه، لكن الخجل و الافحام عادا عليه :
ـ انت صعدت سياسيا عبر رافعة (البيت الميرغني)!
فما كان منه إلا أن أجاب :
و انت ايضا هناك من هو أكفأ منك، لكي يجلس على هذا الموقع الذي تحاورني منه و يتبوأ المناصب التي تتقلب فيها، و لولا رافعة أتت بك لما وصلت إلى هنا!
(5)
السيد ابراهيم الميرغني تقلد منصب الناطق الرسمي باسم الحزب الاتحادي (الأصل)، فكان الرجل المناسب في المكان المناسب، لم يسئ لقيادته، و لا للكبار، حتى حينما اختط ، و اختار طريقا يرى أن فيه المصلحة ،لم يفجر في الخصومة، أو يتغير في المواقف، كان كلامه عن مولانا السيد محمد عثمان الميرغني (رضى الله عنه) كالشهد و كالبلسم!
و هذا فخ و مطب و مضيق وقع فيه كثيرون، مع الأسف، (خلطوا الكيمان) و لم يعرفوا ادب الخلاف و سنة و سعة الاختلاف.
(6)
سخر الساخرون من أبعاده من (تأسيس)، و اختيار رئيس وزراء الحكومة الموازية، لم يعرف الساخرون أن هؤلاء (حكام باطن)، تخضغ لهم حتى الملوك، و السيد ابراهيم لم يطلبها، و لو كان طلبها لكان أحق بها، و لو أدرك من هم معه رؤيته لبادؤوه و بادروه بتوليها، و لعل الله يريد به خيرا ـ إن صح هذا الخبر ـ و لعل الله يريد أن يمد له في الحسنات التي تجري على ألسنة و أفئدة البعض!
(7)
لكن المؤسف أن يتخطى الكلام السيد ابراهيم، ليصل رشاشه لعرضه، و هذا أمر مناف و مجاف للأدب السوداني، و الأخلاق، ناهيك عن الأدب الاسلامي، و هذا انحلال و انجراف، و جرثومة و لوثة، سودت صحائف الكثيرين و الكثيرات من (الغافلات)، بسببها، بلا ذنب جنوه!
و لعل هذا أكثر ما يجري الحسنات، مع أنه أكثر ما يدمي القلب و يقطع نياطه!
(8)
غازي صلاح الدين عراب (الإسلاميين و الكيزان)، الد أعداء البيت الميرغني (إلى الآن) ، قال حينما سئل عن السادة المراغنة :
لم نعرف لهم فسادا ماليا و لا أخلاقيا!
في الوقت الذي استشري فيه الفسادان، في أوصال الجسد السوداني.. و الفضل ما شهدت به الاعادي!
السيد احمد الميرغني (الملك)، (طيب الله ثراه، و قدس سره) عكس هذا النموذج، حينما كان في أعلى سلك الدولة، و مع ذلك لم يسلم رحمه الله من تلك الألسن، والسموم، و العداوات و الكراهية بلا سبب ، او قل بسبب المحبة التي غرسها الله في نفوس أهل الورع و الايمان تجاه هذا البيت سليل النبوة! فهم يحسدونهم على ما آتاهم من فضله
و هذا الأمر أثبته السيد محمد عثمان الميرغني – بيانا بالعمل – : (ما داير منزلة أو سلطة، داير أجر مرتين)، و هو الذي لم يترك بابا، أو طريقا فيه مصلحة الوطن و المواطن، الا سلكه، و طرقه، رغم ما وجد و عانى، (و لا يزال) – متعه الله بالصحة والعافية- على العهد، كل همه الوطن الجريح، و المواطن المجروح، حتى الذي يسيئه و يسبه منهم!
حتى في الحرب كان رأيه واضحا (قبلها و بعدها و اثناءها)، و من أول لحظة، وطئت فيها أقدامه الشريفة ارض الوطن، بعد غياب (قسري) طويل بسبب ما اعترى الوطن من تمزق و (إنقسام)!
(8)
السيد ابراهيم الميرغني لم يسلم، و أحبابه، و محبيه من غوائل الحرب، و انتابه ما انتاب كل سوداني، فكانت رؤيته للتوجه للسلم، و ايقاف النزيف، بينما رؤية السيد محمد عثمان الميرغني ـ الذي هو رئيس الحزب و زعيم الطائفة ـ تأييد القوات المسلحة، و ليس في الأمر تعارض، بل بالعكس، يعكس روح الديمقراطية، و حرية التعبير و الاختيار، في هذا البيت الكبير، و في هذا الحزب المؤثر، الذي كانت من أكبر الانتقادات الموجهة إليه (الديكتاتورية)، و الانفراد بالقرارات، ففندها هذا الموقف، بمثل ما فند السيد محمد عثمان الميرغني فرية استئثارهم بالقيادة ،حينما قدم للانتخابات الأستاذ (حاتم السر)، لرئاسة الجمهورية، في ظل وجوده، و وجود ابنائه، و أبناء البيت الميرغني.
(10)
و لو دقق صاحب اللب و الفكر، لوجد أن اتجاه السيد ابراهيم الميرغني (لتأسيس) فكرة جديدة، مبنية على حقوق الوطن و المواطن، لوجد أنه هو ذاته نهج و منهج السيد محمد عثمان الميرغني، – و أن اختلفت الطرق لتنفيذه -!
فقد ظل السيد محمد عثمان الميرغني يؤكد على وحدة البلاد و الصف، و ظلت مقولته التي (تؤسس) لهذا الفهم نبراسا، و التي يجب أن تدرس و يعتنى بها
(السودان ملك بالشيوع لاي مواطن) الذي يفضي إلي حلمه :
(وحدة السودان أرضا و شعبا)!
(11)
السيد ابراهيم الميرغني من سلالة آل (البيت الميرغني) ، الذي هو من سلالة بيت النبوة الطاهر،أجرى الله له حسنات (ضخمة)، بسبب تعدي الناس عليه، بما فيهم بعض الاحباب، و المنسوبين اليه، و إن كان الأمر متوقعا و مقبولا ممن درجوا على الإساءة و الاسفاف، فهو غير مقبول من الذين كان من المفترض أن يكونوا اولى الناس بالدفاع عنه!
فهو ابن قوم جاء مدحهم و فضلهم و تطهيرهم في الآيات قبل الأبيات :
(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا)الأحزاب آية 33
(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)، الشورى آية 23
و في الأحاديث :
(مثل اهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجا، و من تخلف عنها غرق)
(تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تصلوا بعدي أبدا، كتاب الله و عترتي، فإنهما لن يفترقا حتى بردا على الحوض يوم القيامة)
(لا تعلموهم، فإنهم أعلم منكم)
فهم سادة الناس في كل الأعصر
و قيل في جدهم الامام علي بن ابي طالب ، – الذي آخاه النبي صلى الله عليه وآله- (عليه السلام) : (أحب الله من احب عليا)، و فضله و فضل (امهم) سيدتنا الزهراء، سيدة نساء العالمين، (عليها السلام )اكبر من ان تحصيه الطروس)
و قد مدح الفرذدق جدهم الامام علي زين العابدين عليه السلام أمام الأمير :
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
و البيت يعرفه و الحل و الحرم!
في قصيدة كوفئ عليها، فأكد أنه لم يقل ذلك لمال، فأكد له (نحن آل البيت إذا اعطينا عطاء لا نرده)، فلله درهم من قوم ،نزلت بمدح السور و الآيات و طهروا من الرجس و الرعونات!
لكن لا جديد ، فعداوة آل البيت، نهج تبناه قوم ضلاليون، صم بكم عمي لا يعقلون و لا يفقهون، على ممر الدهور ، و لعل الله أراد أن يجري لهم الحسنات، أحياء و امواتا، و على ممر الأوقات!
(12)
أما بخصوص فرية وضع يده مع من قتلوا الشعب، و اغتصبوا الحرائر ، فهذه (مزية) تحسب للسيد إبراهيم ، كونه لم يكن طرفا في إشعال الحرب، و يسعى لإخماد نيرانها، و من قبل وضع الكيزان (الحاكمين) اياديهم، مع من قتلوا الملايين من أبناء هذا الشعب و منحوهم المناصب، بل و (الدول)، مع انهم هم من أشعلوا تلك الحروب و الفتن و النيران.
(13)
و ما يقال إنه يتماهى مع الإمارات، فهي الحكمة تتجلى في أبهى صورها، فألاف الأسر تتلقى الدعم من ابنائها في الامارات، طيلة فترة الحرب، (و إلى الآن) ، تخيل لو صدر قرار بايقافهم، و طردهم!!! نعم الأرزاق بيد الله، و لكن الله جعل الاغتراب سببا، إن كان في الامارات او غيرها من الدول.
(14)
انا على قناعة بأن الصخور الكثيفة التي رمي بها السيد ابراهيم الميرغني، سيبني منها جبلا (شاهقا)، و يرتقي عليها، ليرى ما وراء تلك الصخور في الأفق البعيد
أما الذين شككوا في هذا النسب، و أساؤوا إليه ، ممن بهم جاهلية، فنحن في انتظارهم إن استطاعوا أن يعودوا للوطن، أو يبرزوا للملأ أن كانوا داخله، هم خصومنا هنا، و هناك حيث ( تجتمع الخصوم بين يدى الجبار جل جلاله)!
تدوينة : إذا كان الذي يسئ السيد ابراهيم، و يهدده، على شاكلة (طرحة) و (صرفة)، فهي الشهادة له بأنه كامل!
اتجاه واحد
و تبقى الحقيقة في نهاية المطاف، أن السيد ابراهيم هو السيد ابراهيم (الميرغني)، و أن من يهاجمونه هم هم، ـ و إن كانوا يمنحونه الحسنات المستمرة!-
نبضة: (إن الرجل الناجح هو من يستطيع بناء أساس راسخ من الأحجار التي ألقاها الآخرون عليه) .
ديفيد برينكلي ،صحفى تلفزيوني!
اللهم صل وسلم وبارك علي سيدنا محمد و على آله وصحبه بقدر عظمة ذاتك يا أحد!
و الله اعلم