مقالات

جعفر محمدين يكتب .. هل أصبحت “الحكومتان” واقعًا لا مفر منه في السودان؟

هل أصبحت “الحكومتان” واقعًا لا مفر منه في السودان؟

بقلم: جعفر محمدين عابدين


24 يوليو 2025م
gafertamok@gmail.com


من خلال الصراع الدامي المستمر بين القوتين العسكريتين في السودان، يبدو أن البلاد تمضي بخطى متسارعة نحو واقع مرير، يتمثل في انقسام السلطة وتكريس وجود حكومتين فعليتين على الأرض. لقد كلفت هذه الحرب الشعب السوداني أثمانًا فادحة: من تهجير قسري ونزوح جماعي، إلى مآسٍ إنسانية متفاقمة، حيث اضطر الآلاف للفرار من مناطق النزاع، بينما تُقصف الأحياء السكنية دون تمييز، ويسقط المدنيون الأبرياء يوميًا تحت نيران القصف والدمار.


لكن جوهر هذه الحرب لم يكن خفيًا منذ بداياتها. فقد كانت ملامحها واضحة من خلال عودة فلول الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني إلى الساحة السياسية، عبر المهرجانات الخطابية والإفطارات الرمضانية، والتصريحات التي توعّدت بالحرب إذا تمضي العملية السياسية في اتجاه الاتفاق الإطاري. في الحقيقة، لم تكن هذه الحرب سوى نتيجة مباشرة لمخططات تلك القوى التي لا ترغب في رؤية السودان خارج دائرة الفوضى، وتسعى لإعادة عقارب الزمن إلى الوراء، مهما كانت الكلفة.


قوى الردة والظلام لا تسعى فقط إلى تعطيل مسار التحول الديمقراطي، بل تهدف إلى الإبقاء على النظام البنيوي المختل الذي رافق الدولة السودانية منذ الاستقلال : نظام تمركز في الخرطوم، واحتكر السلطة والثروة، ووزّعهما على أساس الولاء الجهوي والسياسي، بينما همّش الأغلبية، وشيطن الآخر، وأقصاه من المشهد الوطني.


إن ما يحدث اليوم ليس مجرد صراع بين جنرالين كما يُروّج البعض، بل هو نتاج تراكمات تاريخية عميقة ومعقدة. إنها حرب متعددة الوجوه : حرب لإعادة الحركة الإسلامية إلى الحكم، حتى وإن كان ذلك على جثث الأبرياء، وحرب لإعادة السودان إلى عهد الحصار الدولي والعزلة، كما كان في ظل نظام الإنقاذ البائد.

لقد عملت هذه القوى بكل ما أوتيت من وسائل لتعطيل عجلة ثورة ديسمبر المجيدة، ولإيقاف أي مسار مدني ديمقراطي قد يقود السودان نحو التقدم والاستقرار.


في الختام
علينا نحن السودانيين، بكل أطيافنا، أن نبحث عن السلام بكل السبل الممكنة، لأن استمرار هذه الحرب يعني المزيد من التمزق، والمزيد من الآلام. فكلما طال أمد الصراع، زادت كلفته البشرية والمادية، وضاعت معه أحلام أجيال بأكملها.

لا خيار أمامنا إلا السعي الجاد نحو سلام شامل وعادل يُنهي هذه الحرب الكارثية، ويفتح الباب أمام سودان جديد، يليق بتضحيات أبنائه، ويحقق لهم الكرامة، والعدالة، والمساواة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى