جعفر محمدين يكتب .. الأمير فكي سنين : سيف المهدي في الغرب وحامل الراية الزرقاء

الأمير فكي سنين: سيف المهدي في الغرب وحامل الراية الزرقاء
بقلم: جعفر محمدين عابدين
٣٠ يوليو ٢٠٢٥
مقدمة:
رمز الثبات في زمن العاصفة
الأمير فكي سنين حسين (١٨٥١–١٩٠٣م) ليس مجرد قائد عسكري في تاريخ الدولة المهدية، بل تجسيد لفكرة المقاومة المستميتة ضد التسلط الخارجي والانقسام الداخلي. حمل لقب حامل الراية الزرقاء– الرمز العسكري الأعلى للثبات ورباطة الجأش في التقاليد المهدية – وقاد معارك أصبحت أنموذجًا للاستراتيجية العسكرية القائمة على المعرفة العميقة بالبيئة المحلية والروح القتالية الفريدة.
الخلفية والنشأة: من جلمي إلى جهاد الأنصار
وُلد في ٢٨ يناير ١٨٥١ بقرية جلمي .في غرب السودان، وسط قبيلة *التاما (فرع خشم بيت جلمسي ) تعتبر الجلمسي من كبري العشائر في المجموعات القبيلة داخل شعب التاما الجلمسي معروفين بصلابتهم وارتباطهم بالتصوف الإسلامي. كعاداتها معظم شعوب الامة التاماوية معروفين بالتصوف الديني مثل م نشأة القائد سنين في بيئة دينية، حيث تلقى تعليمه في الخلاوي على يد مشايخ محليين، مما رسخ لديه ثقافة دينية مقاومة للاستبداد .
انضم مبكرًا لحركة الإمام المهدي بعد إعلانها عام ١٨٨١، مُجسدًا تحول المعرفة الدينية إلى فعل ثوري. بايعه في جبل قدير مع مئات الأنصار، ليرتقي سريعًا في صفوف القيادة العسكرية بفضل حنكته وشجاعته .
الدور العسكري: درع الغرب وسيف المهدي بقيادة القائد سنين
تولى فكي سنين قيادة الراية الزرقاء – إحدى الرايات الرئيسية في الجيش المهدوي – وأصبح مسؤولًا عن حماية إمارات غرب السودان (دارفور وكردفان). تميزت مسيرته
مواجهة سلطنة الفور وزحف الاستعمار- قاد ثلاث معارك كبرى (١٩٠١–١٩٠٣) ضد قوات السلطان آدم رحال (شقيق زوجة المهدي قمرة) الذي أرسله علي دينار لإخضاع التاما.
استخدم تكتيك “الكر والفر” وحرب العصابات في منطقة ديمة الحصين، محاصرًا جيش السلطان لمدة عام كامل وألحق به خسائر فادحة رغم تفوق عدده .
صد التوغل الفرنسي من تشاد بتنسيق مع قوات علي دينار، حافظًا على حدود الغرب.
التحدي التاريخي للسلطة المركزية
في عام ١٨٩٩، أعلن تحديه المباشر للسلطان علي دينار بعد انهيار الدولة المهدية، رافضًا دفع الولاء له. قائلاً:
الدفاع عن الإمارة دفاع عن دين الله وسنة نبيه.
أرسل دينار قائده “كيران” (من قبيلة الزريقات) لسحق التاما، لكن فكي سنين هزمه في معركة ميدانية حاسمة، مؤكدًا استقلالية إمارته.
العبقرية العسكرية لقبيلة التاما الثبات في القتال حول خصوبة أرض التاما إلى حصن طبيعي، مستغلًا غابات “الشوك اللاذع” في ديمة الحصين لتحصين مقره.
ابتكر حرب الاستنزاف عبر إطالة أمد الحصار، مما أنهك قوات السلطان وأجبرهم على الانسحاب مرتين قبل الهزيمة النهائية .
السمات القيادية: بين الصرامة والإنسانية
وصفه المؤرخون بأنه يجمع بين:
الزهد الديني. رفض عروض السلام المشروطة بالتسليم للسلطان دينار، مؤثرًا الشهادة على الخضوع.
الذكاء التكتيكي والخبر في القتالية والثبات في الميدان برع في تحويل تضاريس دارفور إلى ساحة تفوق، مستخدمًا معرفته المحلية.
الحنو على الجنود
رفع روحهم المعنوية بالأناشيد الدينية، وأشهرها:
“أنـا الطـابية الشهرية في
النهاية: الشهادة في ديمة الحصين
بعد سقوط أم درمان في ١٨٩٨، رفض الانضمام لسلطنة دارفور التابعة لبريطانيا. حوصر مع أنصاره في ديمة الحصين عام ١٩٠٣، وقاوم حصارًا دام عامًا كاملًا. في هجوم صباحي مباغت، سقط شهيدًا بعد أن ألقى بجثمانه في وجه خيول الغزاة. نقل جثمانه إلى الفاشر حيث صلى عليه علي دينار نفسه، مُنحنيًا أمام بطولة خصمه .
الخاتمة: إرث لا يُنسى
فكي سنين لم يكن مجرد “سيف للمهدية في الغرب”، بل كان حارسًا لهوية السودان الغربي. مثلت سيرته تناقضًا لافتًا.
الخليفة عبد الله** في أم درمان انشغل بالصراع على السلطة، بينما حارب هو لحماية الأرض والمبدأ من اجل الحفاظ علي ارضة وعرضة في امارة كبكابية بلد الشرف والابطال
السلطان علي دينار تحالف مع المستعمر، بينما وقف هو ضد التبعية.
اليوم، تعيد دارفور اكتشاف هذا الرمز؛ فقبره في الفاشر ما زال شاهدًا على مقولة:
هذا هو المقولة البطل الشهيد الامير سنين
“الراية الزرقاء لم تسقط.. بل صارت ترابًا يخضب بالدم حرية