مقالات

الاديب شقيفة يكتب .. الأسى والتأسّي : بين مرارة الواقع وأمل التأسيس

في السودان، لا يمرّ يوم دون أن يترك في النفس أسًى.
أسى على وطن أنهكته الحروب، وفتك به الفساد، وتكالب عليه أبناؤه قبل أعدائه.
لكن، هل يكفي التأسّي؟ هل يكفي أن نحزن، ونتألم، ونرثي حالنا دون أن ننهض لصناعة واقع جديد؟

السياسة التي تبنى على الأسى فقط، تُنتج خطابًا عاطفيًا مفرغًا من الأثر.
تذرف الدموع على الأطلال، وتنتج زعماء يجيدون الرثاء أكثر من البناء.
أما التأسيس، فهو اختيار الوعي لا العاطفة.
هو أن نأخذ هذا الحزن ونحوّله إلى مشروع،
نحوّله إلى دستور أخلاقي في التعامل،
وإلى خطة واضحة في بناء الدولة،
وإلى إصلاح جذري في العقل الجمعي.

بين الأسى والتأسّي يقبع الضعف،
لكن بين التأسّي والتأسيس تقف الإرادة.
التأسيس ليس نقيض الألم، بل هو تجاوزه.
هو وعيٌ بأن البكاء لا يُحيي القيم،
وأن النواح لا يُسقط الظالم،
وأن الرثاء لا يصنع مؤسسات.

فليكن فينا من الأسى ما يكفي لتذكّر الجراح،
ومن التأسيس ما يكفي لوقف نزيفها.

السودان لا يحتاج مزيدًا من النحيب، بل يحتاج رجالًا ونساءً يُحوّلون الألم إلى عقد تأسيس جديد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى