مقالات

ياسر عرمان يكتب .. قراءة قرارات القائد “البرهان” إنهاء الحرب وإزالة الإسلاميين والانتقال المدني : شرط لبناء جيش مهني موحد

قراءة قرارات قائد الجيش السوداني

إنهاء الحرب وإزالة الإسلاميين والانتقال المدني:
شرط لبناء جيش مهني موحد


بواسطة ياسر عرمان

أصدر اللواء عبد الفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة قرارات مهمة تكمن أهميتها في أنها صدرت في زمن الحرب ووسط تناقضات وتوترات. نقطة رئيسية أخرى هي أنهم أثروا على بعض الضباط الإسلاميين ذوي النفوذ وتضمنوا إعادة تنظيم هيكل قيادة القوات المسلحة. كما أشارت القرارات إلى وضع جميع القوات تحت قيادة الجيش وقيادته.

بدلاً من الثناء على هذه القرارات أو إقالتها كخدمة لمصالح علي كرتي أو نافع علي نافع، أفضل مقاربة هو تقييمها بموضوعية قدر الإمكان:

  1. القوات المسلحة تعاني من عيوب هيكلية وتاريخية مرتبطة بتكوينها وتشابكها في السياسة والاقتصاد وتورطها في حروب ريف السودان.
  2. كان انقلاب يونيو 1989 بقيادة الإسلاميون تطوراً نوعياً أضر بشكل خطير بالمهنية والشخصية الوطنية للقوات المسلحة وانعكاسها لتنوع السودان. سعى الإسلاميون بجدية لتحويل القوات المسلحة إلى الجناح العسكري لحركتهم. حتى عمر البشير الذي جاء من صفوفها خاف عليهم أسسوا جيوش موازية من قوات الدفاع الشعبي الى قوات الدعم السريع واستخدموا المليشيات في المناطق الريفية

قرارات القائد تثير أسئلة أكثر من الإجابات:

  1. هل هذه القرارات بداية اتجاه جديد؟
  2. هل هم مرتبطون باجتماع سويسرا والبحث عن الشرعية الداخلية والخارجية؟
  3. هل جعلوا من أجل ترسيخ قبضة القائد العام سعياً وراء دور مستقبلي لنفسه والجيش في تشكيل النظام السياسي القادم؟
  4. هل هم ببساطة تغيير الوجوه، استبدال شخصية إسلامية بشخصية أخرى من الطبقة الثانية؟
  5. هل يعكسون مجرد صراع داخلي بين الإسلاميين بين كارتي ونافع؟

هذه القرارات لا يجب أن تمثل سوى واحدة من هذه الإجابات. دعونا بدلا من ذلك نعود إلى السؤال التأسيسي. كل هذه الأسئلة تهم، لكن نقطة البداية الصحيحة في الحكم على خطوة قائد الجيش يجب أن تستند إلى الاعتبارات التالية:

أولا: من المستحيل بناء القوات المسلحة أو حتى إصلاحها إلى قوة مهنية وطنية دون إنهاء الحرب.
ثانيا: بناء جيش مهني غير مسيسي يعكس تنوع السودان ولا يخوض حروب في الريف لا يمكن أن يأتي إلا ضمن خطة شاملة لبناء الدولة مع توجهات سياسية واقتصادية جديدة ومساءلة ومعالجة الأسباب الجذرية للصراع من أجل إنشاء نظام جديد.
ثالثا: تطهير الجيش من الإسلاميين شرط أساسي للاستقرار والديمقراطية والتنمية وتحسين العلاقات مع دول الجوار والمجتمع الدولي. يجب على القوات المسلحة عدم احتواء أي فصائل سياسية.
رابعا: الديمقراطية وإخضاع القطاع الأمني لسلطة مدنية ديمقراطية – خلال الفترة الانتقالية ثم في ظل حكومة منتخبة – أمران أساسيان لمواصلة الإصلاحات الهيكلية والمؤسسية في الجيش.
خامسا: القوات المسلحة لا تستطيع وصف العلاج لنفسها في العزل. يتطلب الإصلاح خطة مدعومة وطنياً، مدعومة من الجمهور وتتمتع بتوافق كاف في الآراء.
سادسا: قرار وضع القوات والمليشيات الأخرى تحت القوات المسلحة يتطلب إنهاء الحرب، حتى لا يتحدث أحد في الحكومة بثقل سلاحه. يجب أن تفرض الترتيبات الجديدة الفصل الصارم بين القطاع الأمني والحياة السياسية. يجب أن يكون القطاع الأمني تحت سلطة الدولة، بينما يجب أن تتكشف السياسة في مساحة مدنية سلمية، حيث لا يؤكد الناس أنفسهم بطول بنادقهم.

ختاماً: قرارات القائد العام الأخيرة بإخراج بعض الضباط الإسلاميين من مكان الحادث أو محاولة احتكار السلاح داخل الجيش ليست كافية لوحدها. إنهم يتطلبون مشروعاً وطنياً يحظى بتوافق الآراء، يؤدي إلى انتقال مدني ديمقراطي وبناء الدولة. من هنا يجب أن يبدأ الحوار.

19 أغسطس 2025

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى