مقالات

هذا مقالي .. عبد العال مكين

هذا مقالي. عبد العال مكين

صمت القوانين الصمت لغة العظماء و النبلاء و الحكماء، و يعد الصمت حكمة، في مواقف عديدة، و يحقق التوازن و السلام الذهني، و غالبا ما يكون ابلغ من الكلام، و السُكات رضا و يعني الصمت أيضاً، أما صمت القوانين فله صفات أخرى، تأتي دائماً في وقت الازمات، مع اختلاف أزمانها، و أزمتنا السودانية هي خلاصة هذه الحرب و أسها الذي تتجدد فيه بين كل فترة و حين، مع صمت مستمر للقوانين و الدستور، عند الشروع في عودة الديمقراطية او مجرد التفكير فيها، و اصبحت ماركة مسجلة، “شيشرون” صاحب المقولة المشهورة ” ان الدولة هي هيئة اعتبارية، يملكها الناس الذين يعيشون في كنفها و ليست هي التي تملكهم”، و هو خطيب مُفوه ، فصيح، قالوا يتمتع بقدرة رهيبة جداً علي الاقناع، و يشبه في زمنه، خطيب العرب قس بن ساعدة الشهير ..!

كان حقوقياً فذاً، ظل فكره السياسي و الحقوقي، مرجعاً لأوروبا حتى القرن التاسع عشر . و كان يولي القيم و الأخلاق أهمية كبيرة، للفرد و الجماعة و الدولة، عكس “أفلاطون” (ان الناس يهابون القانون أكثر مما يحترمونه)، و له اراء في الاقتصاد، و أعتبر ان الزراعة مهنة مقدسة، لأنها تحمي الأمة من الخنوع للآخرين، بسبب الحاجة، و كذلك اعتبر ان الربا نظام ظالم، يساهم في إرساء الطبقية في المجتمع، و يؤسس للحقد بين الناس. من أهم ما تركه “شيشرون” للناس، أقولاً خالدة، وهو بيت القصيد، الذي اخترته عنواناً “لهذا مقالي” (صمت القوانين) من هذه المقولة الخالدة “لشيشرون”.

هنالك آخرون تركوا أقولاً عظيمة، مثلاً، نابليون الذي وضع القوانين المدينة، في فرنسا، معمول بها في ربع الأنظمة القضائية في العالم، هنالك قوانين مكتوبة على ورق، كمجلس الأمن الدولي لحفظ الأمن و السلام الدوليين، الذي له سلطة قانونية على حكومات العالم كلها، و قراراته ملزمة، كما تنص المادة الرابعة من ميثاقه، و به خمسة دول دائمة العضوية (أمريكا، و روسيا، إنجلترا، فرنسا، و الصين)، الشئ المحزن ان تجتمع البشرية كلها، و تتخذ قراراً، فتأتي دولة واحدة، من هذا المجلس باستخدام حق النقض ( الفيتو )، و تقول لهم شكراً لإجتماعكم الميمون، عودوا إلى بلدانكم، هذا الأمر قد حسم (end of story )، ان مجلس الأمن الدولي، و اعضاءه الدائمون، هم المسؤولون عما نشاهده اليوم، من بلطجة على طول هذا العالم و عرضه، و القضية الفلسطينية أكبر دليل، و هو نظام فاشل يدعم الارهابيون.

كذلك “شارل مونتيسيكو” صاحب نظرية فصل السلطات، الذي تعتمده اغلب دول العالم اليوم، و له كتاب اسمه روح القانون، مؤلف من واحد و ثلاثين جزءاً، و يعتبر من أهم مراجع القانون و السياسة، و قسم مونتيسيكو السلطات الي ثلاثة: تشريعية و تنفيذية و قضائية، و اوصي بالفصل بينهما في الدولة الواحدة إبعاداً للدكتاتورية، و نظامه هو المعمول به في 90% من دول العالم. و لكن الإسلام رغم ذلك لقد سبقه، أرسى هذا النظام بفصل السلطات، في عهد الخلفاء الراشدين، و اشهر ما فيها محكمة على بن أبى طالب و اليهودي، في النزاع على الدرع، عند القاضي شُريح.

ان صمت القوانين في فترة الحرب، و الحرب لاتبقِ و لا تذر ..!، تعطل كل شئ في حياتنا، و اصبحت الدولة في كف عفريت، بلا رقيب أو حسيب، و الحياة فيها القوي يأكل مجهول الوجهة(الضعيف)، غياب النيابات لبره من الزمن، و خراب دور المحاكم، مع وقف فتح البلاغات، و النهب و السلب و السرقة بأمر السلاح بلا رحمة او اخلاق، تقود الناس الي تساؤلات كثيرة، إلى أين نحن ذاهبون..؟.

كذلك صمت القوانين في الحرب، جريمة انسانية كبري، و صمتها اجحافاً في حق المواطنين، و تنذر بكارثة كبيرة، على المجتمع و حياة الناس، و مهدد للأمن و خطر محدق و مدمر، و هذا ما قاله شيشرون في الحرب، تصمت القوانين، واذا لم تتوقف الحرب، تظل قاعات العدالة خاوية، على عروشها و صامتة، و لا تنطق بالحق، مادام نارها متقدة، و ايقافها يتطلب شجاعة راي، و حكمة عقل، او بزوغ فجراً جديداً أو الخلاص. فتكم بعافية. الاهل بلغت اللهم فاشهد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى