الاديب شقيفة يكتب .. الاخلاق في الحرب .. حين لا يبقى شيء إلا الإنسان

قد يظنّ البعض أن الحرب تبرّر كل شيء، أن الموت يسقط القيم، وأن الرصاص يلغي الرحمة. لكن الحقيقة التي علّمتنا إياها التجارب المريرة هي أن في الحرب أخلاقًا، وأن من لا يحتكم إليها، يتحوّل إلى مجرد ظلٍ للوحشية.
الحرب تكشف معادن الناس. قد يُرفع فيها صوت السلاح، لكن لا يجب أن يخفت فيها صوت الضمير. ففي قلب المعركة، تبقى هناك خطوط لا تُقطع، وحقوق لا تُنتهك، وأرواح لا تُهان، حتى وإن كنا خصوماً.
أخلاق الحرب تعني أن نحمي المدنيين، لا أن نتخذهم دروعًا.
أن نحترم الأسرى، لا أن نُهينهم.
أن نُراعي الجرحى، لا أن نُكمل عليهم.
أن نُفرّق بين من يُقاتل، ومن لا ذنب له إلا أنه وجد في طريق النار.
الإنسانية لا تُعلَّق في الحرب، بل تتجلى في أقسى لحظاتها. فليس الشجاعة أن نقتل، بل أن نكبح جماح الانتقام حين يكون مباحًا. ليس الانتصار أن نُخرّب كل شيء، بل أن نُبقي شيئًا من الكرامة والرحمة حيًّا في قلب الخراب.
في الحرب أخلاق… لأنها إن غابت، لم تعد حربًا بين بشر، بل بين وحوش فقدت طريقها.