الاديب شقيفة يكتب .. الذين يدّعون الإنسانية جزافًا

نار متأججة…
الذين يدّعون الإنسانية جزافًا
في زمن كثرت فيه الشعارات وقلّت المواقف، باتت “الإنسانية” مصطلحًا يُستهلك بكثرة، لكنه يُفرَّغ من معناه الحقيقي في كل مرة يُستَخدم فيها دون فعلٍ صادق أو موقف شجاع.
الذين يدّعون الإنسانية جزافًا هم أولئك الذين يرفعون شعارات الرحمة والتضامن والعدالة، لكنهم يغضّون الطرف عن المآسي التي لا تخدم مصالحهم، ويتجاهلون صوت المظلوم إذا كان الصمت أنفع لسطوتهم أو صورتهم.
الإنسانية ليست منشورًا براقًا على وسائل التواصل، ولا خطبة منمقة في مؤتمر دولي، ولا دمعة مصطنعة أمام عدسة كاميرا. الإنسانية نارٌ متأججة، تحترق في قلب صاحبها كلما رأى ظلمًا، وتدفعه نحو الفعل لا الكلام. من لا تهتز مشاعره لمشهد طفل مشرد، أو أم مكلومة، أو شعب يُباد، لا يحق له أن يتحدث عن إنسانية لم يختبر ألمها.
المؤلم أن كثيرًا من الجهات التي تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان، تسكت حين يكون الجلاد حليفًا سياسيًا أو اقتصاديًا. وتلك الازدواجية في المعايير هي التي أفقدت القيم مصداقيتها، وجعلت من “الإنسانية” سلاحًا يُستخدم حينًا لتبرير التدخل، وحينًا آخر لتغطية الجرائم.
لقد حان الوقت لكشف الأقنعة، والتمييز بين من يعيش الإنسان في ضميره، ومن يتخذه وسيلة للظهور أو التربّح. الإنسانية ليست كلمات تُقال، بل مواقف تُؤخذ، وتضحيات تُقدَّم، وحقائق لا تخضع للمقايضة.