بعد ثلاثين عامًا من محرقة الشريف يعقوب : الحق لا يسقط بالتقادم

اصوات منسية في السودان
بعد ثلاثين عامًا من محرقة الشريف يعقوب: الحق لا يسقط بالتقادم
بقلم: جعفر محمدين عابدين
التاريخ: 5 سبتمبر 2025م
تمر هذا العام ثلاثون عامًا على الجريمة المروّعة التي شهدتها وحدة الشريف يعقوب – محلية أم القرى – ولاية الجزيرة، حينما أُضرمت النيران عمدًا داخل كرنك الخلوة التي كان يجلس فيها 25 من طلاب القرآن الكريم، أطفالًا ويافعين، لا يحملون سوى المصحف الشريف بين أيديهم، يتلون آيات الله في جوف الليل.
لكن أيادي الغدر والعنصرية تسللت في منتصف الليل، وأضرمت النار في المكان من كل الجهات، فاستشهد الطلاب حرقًا جماعيًا، بلا ذنب ارتكبوه، سوى أنهم كانوا يتعلمون كتاب الله.
لقد لعب النظام الإرهابي للحركة الإسلامية يومها بأرواح الأبرياء، وتلاعب بالعدالة حتى طُمست القضية وضاعت حقوق الشهداء وأهاليهم. غير أن الحق لا يسقط بالتقادم، ومهما طال الزمن فإن دماء الأبرياء ستبقى أمانة في أعناقنا، وسيفتح هذا الملف من جديد حتى يُقتص من الجناة.
إن من يظن أن الحرق والقتل يمكن أن يُفني أمة أو يُخرس صوتها فهو واهم، فالأيام دول، والجرائم لا تُنسى، والعدالة ستلاحق المجرمين حيثما كانوا.
وهنا، نوجه رسالة إلى الشيخ الجليل علي بيتاي، شيخ الخلوة آنذاك، والذي كان شاهدًا على تفاصيل تلك الفاجعة، بأن شهادتك أمانة في رقبتك أمام الله وأمام التاريخ، فلا بد أن تُروى الحقائق للأجيال القادمة، حتى لا تتكرر مثل هذه المأساة في قلب السودان.
وما أشبه الليلة بالبارحة؛ إذ ما زال استهداف أبناء الكنابي يتواصل، في سلسلةٍ دامية ليست وليدة الصدفة بل امتداد لتاريخ طويل من الدماء والدموع. واليوم، عاود المجرمون أنفسهم ارتكاب جريمتهم، فأحرقوا قرية عمار الشريف مرة أخرى بوحشية أكبر، نهبوا ماشية الأهالي وأغنامهم، ودمّروا ما تبقى من القرية، حتى المسجد لم يسلم من كسرٍ وانتهاك. لكن المقبرة الجماعية التي ضمّت شهداء الأمس ما زالت شامخة، وأرواحهم الطاهرة تظل شاهدة على الجريمة بعد مرور ثلاثة عقود.
اليوم، وبعد ثلاثين عامًا، ما زال المجرمون أحرارًا بلا حساب ولا عقاب، لكن أصحاب الدم باقون، والذاكرة حيّة، والقصاص آتٍ مهما طال الزمن.
لاحقا سوف يتم نشر اسماء الشهداء