خطاب : “الحقيقة والمظلة الواحدة”

د أسامة العمري
سلسلة رؤي التغيير (5)
خطاب: “الحقيقة والمظلة الواحدة”
نحن في السودان نعيش في زمنٍ غريب، حيث الحقيقة موجودة كالشمس في كبد السماء، ساطعة لا تغيب، لكننا لا نراها مباشرة. كل جماعة وكل كيان صنع لنفسه مظلة صغيرة، وأصبح ينظر إلى الحقيقة من خلال ظلال مظلته. وهكذا، تحولت الحقيقة إلى انعكاسات مشوهة؛ نورها يتجزأ، ودفؤها يبرد، وصوابها يختلط بالخطأ.
إن أزمتنا ليست فقط في السلاح والحرب والجوع والفقر، بل في تعدد مظلات الصواب والخطأ. كل جماعة تعيش على انعكاس جزئي للحقيقة، وتظن أنها وحدها تملكها، بينما الحقيقة الكاملة أوسع وأرحب من تلك المظلات الضيقة.
لذلك، دعوتي في هذا المقال هي:
• أن نوحّد المظلة الكبرى للسودان، مظلة الوطن الواحد، حيث يتساوى الجميع في النور والدفء، ويُقاس الصواب والخطأ بمعيار جامع، لا بمعايير مجتزأة.
• أن نكسر جزر العزلة، ونبني جسور الاعتراف المتبادل.
• أن نفهم أن السودان لن ينهض من خلال المظلات المتفرقة، بل من خلال مظلة جامعة واحدة، تتيح لنا أن نرى الحقيقة كما هي، لا كما ينعكس لنا ظلها.
إنها لحظة مخاض تاريخي رجع السودان فيه للخلف بمئات السنوات الضوئية بدلا من حدوث العكس في التقدم لمئات السنوات الضوئية فعلينا أن نعترف أننا كنا ضحايا للتعددية الجزئية للحقيقة، وأن الطريق إلى الإصلاح يبدأ بتوحيد المظلة، ثم تعريف الصواب، ومن ثم تحديد الخطأ، حتى نستعيد قدرتنا على السير معاً نحو مستقبل مشترك..
هذه الرؤية التي نود المضي قدما فيها تتطلب قدرا من التوازن النفسي بين مختلف مكوناتنا الاجتماعية والسياسية والثقافية في الصراحة والوضوح والاعتراف بكافة الأخطاء التاريخية والحالية.
اخيرا تبقي الحقيقة في تجلياتها هي المظلة الحتمية التي سوف تكتتف جميع السودانيين.
د أسامة العمري
مؤسس ورئيس منظمة ابونا ادم الخيرية