عبدالحميد نورين يكتب .. العظماء لا يموتون بل يخلدهم التاريخ [الملك شريف آدم طاهر وأركان سلمه] – (1)

بقلم: عبدالحميد نورين طاهر
norain20000@gmail.com
20 سبتمبر 2025م
(الحلقة الأولي)
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) صدق الله العلي العظيم – فجع أهل السودان بخبر صادم صباح الجمعة 19 سبتمبر 2025 ، بحادث ضرب مسجد وهدمه علي المصلين في الفاشر ، وبقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره يعتصرها الألم والحزن والأسى أنعي معالي السيد الملك/
شربف آدم طاهر نورين طاهر
ملك إدارة دارسويني – ولاية شمال دارفور
والذي إستشهد علي إثر جريمة إبادة جماعية إرتكبها مليشيات الدعم السريع بائعي الموت ومصاصي الدماء ، أدوات القتل والبطش، شياطين الإنس بعقول الأنعام ، لم يكتفوا بمسلسل حمامات الدم الذي يرتكبوه ضد المدنيين الأبرياء يوميا بالفاشر ، ولكن هذه المرة علي مصلين في مسجد حي الجامعة (الدرجة الأولى) الفاشر وبينما هم يتهجدون من التاسعة مساء الخميس حتي صلوا الصبح وبعدها مباشرة عند الخامسة صباحا باغتتهم طائرة مسيرة ذكية أطلقتها قوات الدعم السريع المتمردة هدَّت عليهم المسجد بكل أركانه مما أودى بحياتهم جميعا بين ( 70 الي 75 ) مصليا مدنيا.
إثر هذه الجريمة البشعة أبرز من فقدناهم الملك شريف آدم طاهر، وإبني أخويه الضابط الإداري أحمد آدم علي حسن (أحمدو) أمين حكومة ولاية وسط دارفور ، الدكتور عمر اسحاق حسن سلك الطبيب الاختصاصي وإبني عَمَّاه الأستاذ حبيب إبراهيم عبدالرحمن والأستاذ موسي داؤود صافي دور ، تقبلهم الله بواسع رحمته وأسكنهم فسيح جناته مع الصديقين والأبرار والصالحين.
من هو الملك شريف آدم طاهر؟
الملك شريف آدم طاهر نورين ترتيبه هو الملك ال[22] الثاني والعشرون الذين تعاقبوا علي حكم شمال شمال دارفور بشكله الحالي منذ منتصف العام 1760 وتخلص مساحة إدارتهم في أم الإدارات الأهلية دارسويني بشكلها الحالي.
الميلاد:
ولد الملك شريف في العام1951 بحاضرة دارسويني الدور ، درس مراحله الأولية بالدور والفاشر وبخت الرضا وعين معلما في العام 1972 عمل بالتدريس في مدرسة الدور ومدارس كتم وشمال دارفور وانتدب للتدريس في اليمن من العام 1986 الي العام 1991 وعاد للعمل بالسودان في إدارة التعليم موجها تربويا ، وعند وفاة والده الملك آدم طاهر نورين في العام 1993 خلفه في إدارة دار سويني الي تاريخ وفاته اليوم 19 سبتمبر 2025 ، قضي (32) عاما من الحكمة والبصيرة في إصلاح ذات البين ، وإدارة شؤون رعاياه في إدارة دار سويني. مما أكسبه مهارات الإدارة والكياسة، وشغل عدة مواقع إدارية وترأس عددا من لجان فض النزاعات وتيسير الحوار وبناء التوافق ، وأختير عضوا في المجلس التشريعي لشمال دارفور مترئسا لجنة الإدارة الأهلية بالولاية لعدة دورات ومن بعض انتهاء اخر دورة للمجلس التشريعي بالولاية ، أختير الأمين العام للإدارة الأهلية بالسودان حتي تاريخ استشهاده.
سياسيا:
ساهم بجانب عمله في التعليم كان سياسيا محنكا خبر ضروب العمل السياسي منذ عهد الرئيس الأسبق جعفر نميري كان عضوا في الاتحاد الاشتراكي السوداني الحزب الإتحادي الديمقراطي، وكان رئيس قسم المنطقة الشمالية لإقليم دارفور، كان مناكفا يطالب بإصلاح وحل قضايا التعليم ، وعند انطلاق الثورة في دارفور عام 2002 كان له رأي واضح لمعرفته بآثار الحرب وتبعاته ، كان صوته واضحا لحكومة المخلوع عمر البشير أن يستجيب للثوار ومطالبهم طالما هي خدمية وتنموية، علي أن يتولي هو ورفاقه في الإدارة الأهلية تهدئة النفوس والحفاظ علي السلم الإجتماعي.
لكن لقلة رؤية نظام الإنقاذ نظرت لحكمته أنه معارض وداعم للثوار ، فإعتقلته لفترة طويلة، وبعد أن أحكم النظام سيطرته في بث سموس الفرقة والشتات بين المكونات الإجتماعية بدارفور وعم شر الخطاب الإعلامي علي وصف المتمردين الثوار مجرد قطاع طرق ، أطلق سراح الملك شريف ليجد أن الحرب قد بدأ ، وكان بإمكان الإدارات الأهلية لعب دورا محوريا في فض النزاع تجنبا لتبعات الحرب ، لكن النظام الذي يريد تمزيق المجتمع السوداني في دارفور يضع العراقيل أمامهم ، وإختلط الحابل بالنابل فكانت النتيجة قتل أكثر من (320) ألف روح بريئة في جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي صنفت انها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ، والناجين من هذه المحرقة كان ملايين النازحين في المدن الكبيرة واللاجئين في دول الجوار والمهاجرين في دول المهجر ، مما عمق غياب الرؤية والحكمة والحكم الرشيد في إدارة شؤون السودان وآل الي ما نحن فيه الآن الي أن اختاره الله مع رفاقه وهم يتهجدون ويتضرعون لله أن يحفظ البلاد والعباد .
الملك شريف آدم طاهر رجل ولد وترعرع في بيت الحكمة وعمل بها حتي فارق الحياة ، كان لُجَّة من الحكمة. مَثِيلا من العدالة ، مُحِيطا من النصح وإصلاح ذات البين ، متبحّرا في العلم والثقافة وعلوم القرآن وتفسيره ، ومعرفة الأنساب وتاريخ الإدارة الأهلية في السودان ، بفقده فقد السودان أحد أعمدة الإدارة الأهلية ورجال الحكمة والبصيرة ، لكن هكذا سنة الحياة لا نقول إلا ما يرضي الله (إنا لله وإنا إليه راجعون )
حياته الإجتماعية:
يتبع 🖇️
عبدالحميد نورين
20 سبتمبر 2025




