تقرير : يرسم صورة قاتمة لـ«المدنيين» في المدن السودانية

الجاسر نيوز – متابعات
رسم تقرير حقوقي، صورة قاتمة للمدنيين في عمق المدن السودانية وانهم يقفون اليوم أمام تهديدات متشابكة تتجاوز حدود المعارك المباشرة.
ومنذ منتصف أبريل 2023م يشهد السودان حرباً بين قوات الجيش والاطراف المتحالفة والدعم السريع تسببت في أكبر أزمة جوع في العالم، حيث يواجه حوالي 25 مليون شخص – أي نصف سكان البلاد – جوعا حادا، ويعاني 3.5 مليون امرأة وطفل من سوء التغذية.
وأوضح التقرير الصادر عن منظمة نساء كردفان لحقوق الإنسان، تحت عنوان “بين شظايا الحرب ولسعات البعوض وأوبئة قاتلة : مدن السودان بين مخلفات الحرب وانتشار الأمراض” أن الموت لم يعد مقترناً بأصوات الرصاص والمدافع فحسب، بل بات يتسلل في صور متعددة، من مخلفات حرب مدمّرة، أوبئة فتاكة كحمى الضنك والكوليرا، ومخاطر أشد خطراً جراء السموم التي خلّفتها الأسلحة الكيماوية بآثارها الممتدة عبر الأجيال.
وتابعت المنظمة في تقريرها، ان الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة ما تزال تتربص بالمدنيين في الشوارع والأحياء، وانها قد تحولت إلى “قنابل صامتة” تحصد الأرواح وتعيق جهود إعادة الإعمار، بينما تبقي الخوف ملازماً لكل خطوة نحو منزل أو حي منكوب.
واضاف التقرير ان الأطفال والنساء هم الأكثر عرضة لهذه الأخطار، مما يجعل من الحياة اليومية معركة بقاء قاسية.
ونبه التقرير، وسط هذه الأنقاض والمياه الراكدة، ينتشر البعوض ناقلاً حمى الضنك على نطاق واسع، مشيراً ان هذا الوباء يجد في انهيار النظام الصحي بيئة خصبة للتفشي، تاركاً آلاف الأسر فريسة للعجز عن العلاج والوقاية.
وذكر التقرير، لم يكاد السودانيون يلتقطون أنفاسهم من صدمة تفشي الكوليرا حتى باغتهم شبح حمى الضنك، المرض الذي يتسلل مع المياه الراكده و الملوثة والبيئة المنهارة، ليحوّل الأحياء الفقيرة ومخيمات النزوح إلى بؤر موت سريعة.
وبحسب التقرير، وبغياب البنية التحتية الصحية، يصبح كل كوب ماء مهدداً للحياة، وكل غياب لمركز إسعافي سبباً في تضاعف أعداد الضحايا.
وقال التقرير، بعيداً عن الرصاص المباشر، تركت الأسلحة الكيماوية أثرها الصامت في الهواء والتربة والمياه، فالتقارير الطبية تتحدث عن تزايد حالات الإجهاض والتشوهات الخَلقية بين الأطفال، وأمراض تنفسية مزمنة بين الكبار.
ودقّ التقرير، ناقوس الخطر من السموم التي لا تُرى بالعين المجردة، لكنها تنسج خيوط موت بطيء يمتد عبر الأجيال، لتصبح الحرب أكثر حضوراً حتى بعد توقف المعارك.
ورسم التقرير، المشهد في المدن السودانية اليوم هو حصار متعدد الأوجه وذكر من بينها قنابل مدفونة في الأرض، فيروسات وأوبئة في الجسد، وسموم عابرة للزمن.
ولفت التقرير، الي ان المدنيون يواجهون معركة صامتة، بلا هدنة ولا خطوط إمداد، حيث تتداخل مخلفات الحرب مع هشاشة النظام الصحي، لتصنع أزمة مركّبة تهدد وجود الإنسان وكرامته.
وإعتر التقرير، الحديث عن “السلام” ناقصاً، أمام هذه الكوارث إن لم يتضمن خططاً عاجلة لإزالة مخلفات الحرب، وإعادة بناء المنظومة الصحية، وتطهير المدن من البعوض والمياه الملوثة.
وجزمت منظمة نساء كردفان لحقوق الإنسان، ان المعركة الحقيقية اليوم ليست فقط وقف إطلاق النار، بل وقف زحف الأمراض وإنقاذ الأجيال القادمة من إرث حرب ما زالت تحصد الأرواح بطرق خفية.




