د.اسامة العمري يكتب .. خطاب رئيس الوزراء السوداني في الأمم المتحدة : بين ما قيل وما كان يجب أن يُقال

بقلم / د أسامة العمري
عندما وقف رئيس الوزراء السوداني أمام منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، كنت أتوقع وأتمنى أن يكون صوته صدى لمعاناة شعب بأكمله، وأن يحمل خطابًا يوازي حجم التحديات الوطنية والإنسانية التي يعيشها السودان اليوم.
كنت أتمنى أن يبدأ بخارطة طريق واضحة لوقف الحرب، تعكس إرادة جادة في إنهاء النزاع، وتُعيد للشعب حقه في تكوين حكومة مدنية متوافق عليها من كافة السودانيين وتقديم العون الإنساني للجوعي والمحتاجين والسعي لاستعادة الأمن والاستقرار بوقف الحرب بالحوار الجاد الذي لايقصى أي سوداني. وكان من الضروري أن يُعلن التزامًا صريحًا بالعدالة والمحاسبة، احترامًا لدماء الضحايا وحماية لحقوق الناجين.
لكن الأهم، كنت أتوقع أن يضع على الطاولة القضايا التي تمس بقاء الإنسان السوداني يوميًا، وهي ليست الحرب وحدها، بل الأمراض والأوبئة التي تفتك بالملايين في ظل انهيار الخدمات الصحية. من الملاريا والكوليرا وحمى الضنك، إلى الفيروسات الجديدة والجراثيم المقاومة للعلاج، مرورًا بالفطريات والحشرات التي تتكاثر في بيئة ملوثة ومهملة. كنت أتمنى أن يوجه نداءً صريحًا للعالم: أن إصحاح البيئة ومكافحة الأوبئة ليست مسؤولية السودان وحده، بل مسؤولية جماعية للبشرية كلها، لأن الجراثيم والفيروسات لا تعرف الحدود.
كنت أتوقع أن يتحدث عن الفقر والبطالة اللذين ينهشان المجتمع السوداني، حيث فقد الشباب فرص العمل، وأصبح الفقر بيئة خصبة للجريمة والعنف والتطرف. كان على الخطاب أن يطالب بدعم دولي عاجل لإعادة بناء الاقتصاد، وتوفير فرص عمل كريمة للشباب، وتمكين النساء، وإطلاق برامج تنمية حقيقية تُخرج السودان من دائرة الفقر إلى دائرة الإنتاج.
كما كنت أتمنى أن يتحدث عن إعادة إعمار السودان كقضية عالمية، فالسودان بثرواته الطبيعية وموقعه الاستراتيجي لا يخص السودانيين وحدهم، بل هو رئة للمنطقة والعالم. وإعادة بنائه على أسس العدالة والشفافية ليست مطلبًا وطنيًا فحسب، بل ضرورة للاستقرار الإقليمي والدولي.
إن الخطاب الذي كان يجب أن يُقال هو خطاب يجمع بين:
• الصدق مع الداخل عبر الاعتراف بالواقع المرير ومعاناة المواطن.
• والجدية مع الخارج عبر طرح رؤية متماسكة للشراكة في مكافحة الأزمات العالمية من أمراض وأوبئة وبيئة واقتصاد.
هذا ما تعمل عليه منظمة أبونا آدم من خلال مشروع الولايات السودانية المتحدة: رؤية سياسية وإنسانية متكاملة تقوم على وقف الحرب، العدالة الشاملة، المصالحة الوطنية، الفدرالية الرشيدة، وإصلاح شامل في الصحة والبيئة والتنمية الاقتصادية.
إن السودان اليوم بحاجة إلى قيادة لا تكتفي برفع الشعارات، بل تواجه الحقائق بجرأة، وتدعو العالم إلى شراكة حقيقية ضد الفقر، والبطالة، والأمراض، والتلوث، والجراثيم، وكل ما يهدد الإنسان. لأن بناء وطن معافى هو مسؤولية مشتركة بين السودانيين والعالم أجمع.
بقلم / د أسامة العمري
مؤسس ورئيس منظمة ابونا ادم