مقالات

حياة آدم .. قول الحقيقة مجزرة الفاشر ..!

بسم الله الرحمن الرحيم

02/11/2025

قول الحقيقة
حياة ادم

مجزرة الفاشر:

تُعد مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، إحدى أهم الحواضر التاريخية والاجتماعية في إقليم دارفور فمنذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023 بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع الإرهابية المجرمة، تحوّلت المدينة إلى آخر خطوط الدفاع عن المدنيين، وملاذ لعشرات الآلاف من النازحين الذين لجأوا إليها هرباً من العنف في ولايات دارفور الأخرى. إلا أنّ الوضع سرعان ما تدهور في منتصف عام 2024، حيث تعرضت المدينة لأكثر من 270 هجمة، كان هجوما واسعا وممنهجا من قبل مليشيا الدعم السريع والمجموعات المتحالفة معها، مما أدى إلى ارتكاب مجازر مروعة بصورة يومية بحق السكان المدنيين ترتقي الي مستوي الابادة الجماعية ضد الانسانية في قلب دارفور النابض.


اعتمدت هذه المليشيا المجرمة أساليب ممنهجة اتسمت بوحشية واضحة، شملت اقتحامات للاحياء السكنية والمشافي، ودور العبادة، ومخيمات ومعسكرات النازحين، عبر استخدامها للاسلحة الثقيلة والمسيرات وغاز الأعصاب المحرمة دوليا. قاموا بقتل المدنيين بشكل مباشر ودون تمييز، علاوة علي حرق المنازل والمتاجر والمؤسسات الخدمية، ومخازن الإغاثة، مما ادي الي نقص حاد في المواد الغذاثية التي كان يعتاش عليها المواطنين.

قامت هذه المليشيا المجرمة بتصنيف المدنيين على أساس العرق والانتماء القبلي وتجريدهم من ادميتهم عبر ممارسات تتطابق بحسب منظمات حقوقية مع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ومعايير الإبادة الجماعية الواردة في القانون الدولي الإنساني. حيث قدرت تقارير من الأمم المتحدة ومنظمات إقليمية عدد القتلى بالمئات، بل الآلاف، بينهم نساء وأطفال وكبار السن. إضافة إلى ذلك، شُرّد الآلاف من السكان إلى مناطق أخرى وسط ظروف إنسانية قاسية بينما فُقد المئات في ظروف غامضة. لا يعرف احد مصيرهم حتي الان، كما تعرض الكثيرون لانتهاكات جسدية وجنسية، وذبح وبقر للبطون وتصفيات ميدانية، الأمر الذي زاد من عمق الفاجعة الاجتماعية والنفسية.

أبعاد انتقائية واستهداف للهوية

يشير شهود عيان وتقارير ميدانية إلى أنّ عمليات القتل تمت في بعض الأحياء ذات الأغلبية الزراعية والمحسوبة على مجموعات إثنية محددة، ما يعزز فرضية الاستهداف العرقي الذي يشكّل أحد أبرز مؤشرات الإبادة الجماعية، كما وقع سابقاً في دارفور مطلع الألفية حيث درجت هذه المليشيا المجرمة من استهداف اثنيات بعينها، مثل قبيلة الفور والزغاوة والمساليت.

تدمير البنية التحتية

شملت الانتهاكات حرق سوق المدينة الرئيسي، وتخريب مخازن برنامج الغذاء العالمي، و ضرب المشافي والمراكز الصحية مع قطع لطرق الإمداد والاتصالات. الهدف من كل تلك الظواهر كان تجويع السكان ودفعهم للنزوح القسري، في انتهاك صارخ لاتفاقيات جنيف مع صمت دولي مريب، فبالرغم من خطورة الموقف الا ان مجلس الأمن فشل في اصدار قرار حاسم يدين فيها ممارسات هذه المليشيا الإرهابية المجرمة طيلة السنتين ونصف الماضية و الذي انهك فيها المواطنين بالجوع والمرض، حيث فشلت كل الجهود الإقليمية والدولية في ردع المليشيا وتصنيفها كمنظمة ارهابية، مدعومة من دولة الامارات بصورة رئيسية، عبر دول بعينها مثل تشاد وليبيا ( حفتر ) وكينيا، واثيوبيا وجنوب السودان وافريقيا الوسطي وبعض الدول الاخري التي صدرت مرتزقتها لتقتل مواطني الفاشر بجانب مليشيا الدعم السريع.


يرى محللون أن هذا الصمت سمح للمليشيا بتوسيع نطاق العنف دون محاسبة، مما ادي الي تداعيات إنسانية واجتماعية خطيرة مما ادي الي المجزرة الاخيرة التي شاهدها كل العالم عند اجتياحها لمدينة الفاشر الأحد الماضي والذي االقي بظلاله علي نفسيات كل السودانيين وليس مواطني الفاشر فقط مما ترك شرخاً عميقاً سيستمر لأجيال.


بدخول مليشيا الدعم السريع مدينة الفاشر الاحد الماضي وسقوط المدينة ارتفع معدلات النزوح من الفاشر الي مناطق طويلة وطرة حتي الدبة في شمال السودان حيث وصل النازحون الي مدينة الدبة والمدن الاخري في ظروف إنسانية غاية في الصعوبة.

نتيجة لكل ما تقدم وبسبب الحرب فان مشكلة السودان أصبحت عامة والفاشر خاصة حيث نتج عن ذلك افرازات سلبية كثيرة ادي الي الاتي:

  1. تفكك في النسيج الاجتماعي.
  2. فقدان مصادر الدخل الأساسية.
  3. انتشار الصدمات النفسية.

أثرت هذه المجزرة التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع على الأمن الغذائي في الولاية بأكملها وبرزت بعض التساؤلات مثل المسؤولية القانونية ووفقاً للقانون الدولي فان :

  1. جرائم القتل الجماعي.
  2. التهجير القسري.
  3. الاغتصاب كسلاح حرب.
  4. التعذيب.
  5. التجويع.
    جميع النقاط اعلاه ترتقي الي انتهاكات و جرائم دولية يجب محاكمة مرتكبيها أمام المحكمة الجنائية الدولية، خاصة مع وجود سوابق تتعلق بدارفور منذ عام 2003.
    اخيرا فإن مجزرة الفاشر ليست حدثاً معزولاً، بل حلقة من سلسلة طويلة من العنف المنهجي الذي طالما استهدف المدنيين في دارفور منذ سنين طويلة من قبل هذه المليشيا مع الصمت الدولي، والعجز الإقليمي، وضعف آليات المحاسبة التي أثبتت أن المدنيين وحدهم هم من يدفعون الثمن.
    المطلوب اليوم حقيقة تحقيق دولي مستقل عن كل جرائم هذه المليشيا وداعميها داخليا وخارجيا مع مراقبة حقوقية لرصد وتوثيق جرائم المليشيا والبحث عن كل السبل لتصنيف الدعم السريع مليشيا ارهابية، فلا سلام بلا عدالة، ولا عدالة دون محاسبة الجناة عمّا اقترفت أيديهم بحق الأبرياء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى