حياة ادم : ملف السودان … من يحدد اتجاه البوصلة؟

بسم الله الرحمن الرحيم
20/11/2025*
قول الحقيقة
كتبت : حياة آدم
في السياسة ليست الإشارات تصدر من البيانات فحسب، بل من توقيت الكلمات، ومن طريقة ظهورها، ومن الجهات التي تطلقها. في الاحداث الاخيرة التي عادت فيها قضية السودان الي واجهة الاهتمام الدولي، بدا واضحا ان المشهد يتحرك بفاعلين جدد، بينما يتراجع آخرون كان حضورهم صاخبا في الشهور الماضية.
اللافت هذه المرة ان موقف الدولة السودانية جاء سريعا ومباشرا، لا موارب فيه ولا انتظار لاجتماعات طويلة. فإن الرسالة كانت واضحة: الخرطوم قررت أن تضع ثقلها في الاتجاه الذي تقوده الرياض، وتعيد تموضعها في خارطة التحالفات الاقليمية بطريقة اكثر انسجاما من ذي قبل.
السعودية اليوم تتحرك في الملف السوداني بوضوح، فهي ليست مجرد دولة وسيطة، بل دولة تشكل مركز ثقل في الاقليم، وتتقدم بخطوات محسوبة نحو صياغة مسار سياسي يخرج السودان من دائرة النزيف، يتجه نحو بناء تفاهمات أوسع مع القوة الدولية المؤثرة.
السعودية نجحت في إعادة ترتيب فهم الإدارة الأمريكية لطبيعة الوضع كما قال رئيسها دونالدترمب، وقد بدأ واضحا من يقود مسار الاستقرار ومن يعرقله. وفي المقابل، تتراجع أدوار اخري لم تكن محايدة علي الاطلاق، بل تعاملت مع مسار الازمة كفرصة لاعادة إنتاج نفوذ مليشيات او تأمين مكاسب سياسية لا علاقة لها بشعب السودان ولا بسلامته.
المهم في كل ذلك ليس ما يقال في المؤتمرات، بل ما يرسم خلف الأبواب المغلقة. فاليوم السودان امام مفترق طرق، لكن طريق الخروج من الازمة لن يكون بيد العواصم المتصارعة علي النفوذ، بل بيد من يضع استقرار السودان فوق اي أجندة.
والارجح ان الدور الذي تبنيه السعودية بمرونة محسوبة وقراءة دقيقة ربما سيكون الأكثر تاثيرا علي مستقبل هذا المسار، خاصة إذا نجح في جمع الدعم الدولي حول رؤية موحدة. لكن مهما تعددت القراءات، تبقي الحقيقة ان السودان بحاجة الي مسار يخلو من المليشيات، ومن الوسطاء المزدوجين، ومن المشاريع التي تبحث عن مكاسب علي حساب الدم السوداني.
الايام القادمة سنكتشف المثير من الخيوط، لكن ما اتضح حتي الان يكفي لنفهم ان التحالفات تتحرك من جديد …وإن الخرطوم تتجه نحو مسار مختلف عما كان عليه قبل شهور. تبقي مهمتنا دائما أن نقول الحقيقة، وأن نراقب كيف تتغير الخرائط عندما يتحرك الفاعلون الحقيقيون في صمت.




