من الساخر نادر التوم سخرية الواقع و واقعية السخرية الوقت (للأمل)

من الساخر نادر التوم
سخرية الواقع و واقعية السخرية
الوقت للأمل!
(كل متوقع آت)!
ـ باب مدينة العلم، سيدنا الإمام علي بن ابي طالب (عليه السلام) ـ
(1)
يختلف تعريفنا و نظرتنا للسعادة، تماما كما تختلف رؤيتنا و نظرتنا و تعريفنا للحرب، لكن يبقى القاسم المشترك الذي لا يعيه و لا يفهمه، و لا يعيشه كثيرون منا، هو تلك النظرة الفلسفية للسعادة : (المشاركة)، (السعادة تكون اجمل إذا تقاسمناها مع الآخرين)!
و ربما النظرة العميقة البسيطة، (حب لأخيك ما تحب لنفسك)
أما إذا اخذناها من جانب المحبة فالدليل و السبيل : (أفشوا السلام بينكم)!
فانظر يا رعاك الله، كيف فصل الدين الاسلامي كل تلك السعادات، و بين طرقها و وسائلها، التي هي ميسورة و ميسرة، و في المتناول!
(2)
و هل السعادة مهمة؟ بالتأكيد! و إلا لما ذكرها الله عز و جل في كتابه العزيز، المحفوظ ، في أكثر من موضع، و ذكر نقيضها التعاسة، و الشقاوة، و (الضنك)!والا لما الف الشيخ يوسف النبهاني سفرا خالدا أسماه (سعادة الدارين)
و بين لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، الكثير من السعادات، من ضمنها الزوجة الصالحة، و المسكن الواسع للدنيا ، و الذكر الكثير للآخرة ،أما الصحابة (رضوان الله عليهم)، فقد كان أكثر فرحهم ب (يحشر المرء مع من أحب)، لأنهم كانوا يرون أن سعادة الجزاء بالجنة، و ما فيها من نعيم لا تكتمل إلا بقرب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)!، و هو كما أسعدهم في الدنيا، لا يرون سعادة بدونه (في الجنة)!
و يقاس تقدم و تطور الدول، بالسعادة التي توفرها لشعوبها، لدرجة جعلت حتى بعض الدول العربية و الإسلامية، تعين وزيرا للسعادة!
(3)
و من أهم الأشياء التي تبعث على السعادة هي الأمل، حيث أنه كان زاد الأنبياء ،و الصحابة و التابعين، و الأولياء و الصالحين ، و هم في أحلك الظروف، و اقسى الأيام، و اللحظات، و عمق الألم و المعاناة، كان دواؤهم و سكينتهم ، و المخفف عليهم كل تلك المعاناة.
(4)
و اختيار البروف (كامل إدريس) للأمل، أسما و وصفا، و رسما لحكومته، لهو أمر فيه بعد نظر ، و تفاؤل و توكل، إذ أن الظرف و الوضع الآن بائس، و مظلم، و حزين و كئيب، لكن ظروفا اقسى عاشها زعماء مختلفون، تخطوها بالامل، فكانت السعادة لهم و لشعوبهم، (نيلسون مانديلا)، بل إن الأمر تجاوز الامل، إلى التأسي بالحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) : (اذهبوا فأنتم الطلقاء)، فالوقت ليس للحسابات بل للأمل و العمل و الصفح الجميل!
(5)
ثقافتنا السودانية، و ارزثنا و موروثنا الحضاري، ملئ و منتلئ بالأمل، و التفاؤل و النظرة المستقبلية و (التجاوز):
ليه نندم على الماضي و زمانا الراح؟
و ليه نشكي من الأحزان في كل صباح؟
ما دام حاضرنا فيه طريق
ملاااان أفراح؟
(6)
لكن ما لا يحتاج البروف أن نذكره اياه، أن الأمل بلا عمل كالكتابة على الرمال، و ك (خنق العود)، لا فائدة منه، فالأمل يحتاج عزيمة و تفانيا و اخلاصا، و قبل ذلك تجسيد ل:
نحن ناس بنعيش حياتنا
الغالية بالنية السليمة
و كل زول دايرين سعادتو
تشهد الأيام عليمة
(فالنية السليمة)، و تمني السعادة ل(كل زول)، هو الذي يجعل من الامل طريقا ممهدا لتحقيق الغايات.
و لا يحتاج لأن نعلمه، أن سعادة الحاكم الحقيقية، هي في سعادة الرعية، بل ابعد من ذلك:
(لو عثرت بغلة في العراق لكان عمر (رضي الله عنه) مسؤولاً عنها)!
(7)
كلنا نعيش على الامل، منذ ميلادنا، و حتى مماتنا، نأمل و نرجو، و نمنى النفس، لنا و لأحبابنا، فما أصيق العيش لولا فسحة الأمل ، لكن قليل منا من يرسم أمنياته الجميلة للوطن، و الناس، فكان أن (حدث ما حدث) و تبعثرت حروف الأمل لتصير (ألما)!
و من حسن الحظ، أن بلادنا زاخرة لكي (نخلف رجلا على رجل و نأمل و نسرح و نتمنى )، كل (البنية التحتية) للأمل مهيأة، من انسان طيب يحتاج لمن يوجهه، و يستخرج المزيد من طيبته، و طينته الفريدة، بالطرق على الجانب الإنساني، الذي عرف به (الزول السوداني)، مرورا بنزع القبلية، و النظرة العدوانية الشريرة، و العنصرية و الغرور ، لتعيش كل البلد في حبور.
(8)
بالإضافة لكل ما ينقص العالم من موارد: من مياه، و معادن، و (ثروات)، نهضت دول بتوفر احدها فقط، و إلا كيف تفسرون هذا التكالب الفظيع على بلادنا و خيراتها ، فنحن (بلدنا بي خيراتها)، على عهدها دوما، سلما و حربا، بطرا و مسغبة.
(9)
الأمل جميل، و الاجمل أنه وسط هذه اللجة من الظروف، فلولا الامل في العافية، لما تعلق المريض بالحياة، و وطننا مريض، مع الاسف بجرثومة أبنائه، و بكتريا جشعهم و طفيليات طمعهم، لكن العلاج موجود امل و بذر للخير، و نية صالحة.
تخريمة: كل هذا الظلام سينقشع أن شاءالله!
يا بلاد النور
لابد يوم باكر يبقى أخير!
لفتة: مطلوب من البروف، اختيار أصحاب الطموح العالي، و الأمل الفسيح، فبمثل ما أن هناك أعداء النجاح، هناك أعداء للأمل، و كل نجاح بدأ بفكرة و أمل في انجازها، مع توكل و يقين و( نية سمحة)!
نبضة : بالأمل صبرت قلبي!
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه بقدر عظمة ذاتك يا أحد!
ودعناكم الله