مقالات

حزب الأمة القومي صراع الأجنحة والرؤى، لمن الشرعية؟ وما هو الإجراء الدستوري السليم للمحافظة على وحدة الحزب؟

حزب الأمة القومي صراع الأجنحة والرؤى، لمن الشرعية؟وما هو الإجراء الدستوري السليم للمحافظة على وحدة الحزب؟


كتب : يعقوب إبراهيم البشير
....
حرب الخامس عشر من إبريل 2023 التي أشعلها الأخوان المسلمون بهدف عودتهم للسلطة وإجهاض أهداف ثورة ديسمبر المجيدة، وعلى رأس الأهداف المستهدفة بالإجهاض :التحول المدني الديمقراطي، واستهدف الأخوان بهذه الحرب قوات الدعم السريع باعتبارها القوة ذات الشوكة التي تقف أمام تحقيق أهدافهم السابق ذكرها بمهاجمتها غدراً بمعسكرها بالمدينة الرياضية.


هذه الحرب قسمت حزب الأمة القومي إلى ثلاثة أجنحة كل جناح يحمل رؤية المختلفة عن الأخرى؛ إختلاف الرؤى والأجنحة أشعل نار خلاف الشرعية داخل الحزب، حيث رأى بعض أعضاء مؤسسة الرئاسة أن الحبيب سعادة اللواء/ فضل الله برمة ناصر بتأييده لحكومة تأسيس المتحالفة مع الدعم السريع قد تجاوز الاتفاق الذي بناءً عليه تم تكليفه رئيساً للحزب، حيث أنه حسب ما رأوا فالاتفاق قضى أن يتخذ رئيس الحزب (المكلف) قرارته من خلال مؤسسة الرئاسة، وحيث أنه لم يرجع لمؤسسة الرئاسة في قراره بتأييد حكومة تأسيس واشتراك بعض كوادر حزب الأمة القومي فيها، قررت هذه المجموعة من مؤسسة الرئاسة عزل الحبيب سعادة اللواء/فضل الله برمة ناصر من رئاسة الحزب وعينت مكانه الحبيب المحامي/محمد عبد الله الدومة، وتعرف هذه المجموعة داخل الحزب بمجموعة بورتسودان.


من جانبه يرى الحبيب سعادة اللواء/فضل الله برمة ناصر أنه الرئيس الشرعي، ومن معه في مؤسسة الرئاسة هم نوابه ومستشاروه، ومن حقه أن يرتب مؤسسة الرئاسة بما يتفق وحقه الذي منحه له الدستور، و إثر ذلك قام بعزل نوابه وبعض من مستشاريه، وعين مكانهم نواباً ومستشارين آخرين، ونتيجة لجهود بعض الأحباب لراب الصدع الذي ضرب مؤسسة الرئاسة استجاب الحبيب سعادة اللواء/فضل الله برمة ناصر رئيس الحزب وأوقف تفعيل تلك القرارات، إلا أن مجموعة بورسودان التي انضم إليها سعادة الفريق/عبد الرحمن الصادق المهدي مساعد الرئيس المخلوع في النظام المباد لم تجنح لرأب الصدع وأصبحت تباشر مهامها من بورتسودان بصفتها حزب آخر برئاسة رئيس آخر هو الحبيب المحامي/محمد عبد الله الدومة، وإزاء هذه الموقف أصدر الحبيب سعادة اللواء/فضل الله برمة ناصر بتاريخ ٢/يوليو 2025 – تيمناً بيوم حركة المجاهدين في 2/يوليو 1976- قراراً عزل فيه ثلاثة من نوابه، وعدداً من مستشاريه ومساعديه، الذين تواطئوا على عملية عزله التي لا سند لها من الدستور، ولا سند لها من جماهير الحزب.
بعد أن أصدر رئيس الحزب هذا القرار، أطل خلاف جديد قادته الأمانة العامة التي تمثل جناح صمود من أجنحة حزب الأمة القومي الثلاثة، حيث رفضت تنفيذ قرار الرئيس، ورفضت نشر قراره السابق ذكره بموقع الحزب الإلكتروني، علماً بأن الأمانة العامة التي رفضت تنفيذ قرار الرئيس ليس بمقدورها وقف مجموعة بورتسودان من سعيها قُدماً نحو شق الحزب.
هنا برز سؤال مهم لمن الشرعية من أجنحة الحزب المتصارعة؟؟؟


الجواب بدون مواربة الشرعية للحبيب سعادة اللواء/فضل الله برمة ناصر، لأنه وبصفته مؤسسة الرئاسة فهو الجهة الوحيدة الشرعية في الحزب، لأنه يستمد شرعيته من رئيس الحزب المنتخب من المؤتمر العام مباشرة، ويستمد شرعيته كذلك من تأييد المؤتمر العام استكمال مؤسسة الرئاسة بتعين رئيس الحزب لكلٍ من الحبيبين سعادة اللواء/فضل الله برمة ناصر والسيد/نصر الدين الهادي المهدي نائبين له، ولقد إجاز المؤتمر العام ذلك التعيين حيث أنه من اختصاصاته وقد نصت المادة 11/د من اختصاصات المؤتمر العام، إجازة أي موضوعات أخرى يراها المؤتمر العام.
في وقتٍ لاحقٍ أقال الحبيب رئيس الحزب عليه الرضوان الحبيب السيد/نصر الدين الهادي من منصب نائب الرئيس، وفي يوم 26/نوفمبر 2020 في ذلك اليوم الحزين، انتقل للرفيق الأعلى الحقاني رئيس الحزب عليه الرضوان، ونحسبه في مقعدِ صدقٍ عند مليكٍ مقتدر بإن الله، وتبقى من مؤسسة الرئاسة التي أجازها المؤتمر العام، سعادة اللواء/فضل الله برمة ناصر
فماذا عن شرعية باقي مؤسسات الحزب، الهيئة المركزية، المكتب السياسي، الأمانة العامة؟
الإجابة بدون مواربة أيضاً جميعها لا شرعية لها، لأن الهيئة المركزية غير شرعية دستورياً،ولما كانت الهيئة المركزية غير شرعية، وأن باقي المؤسسات تتمخض عن الهيئة المركزية، فكل ما بني على باطل فهو باطل.
عدم شرعية الهيئة المركزية:
المادة 11/ه من إختصاصات المؤتمر العام لحزب الأمة قومي تنص على:
انتخاب الهيئة المركزية.
ونصت المادة 16/د من ذات الدستور تشكيل الهيئة المركزية على أنه:
تتكون الهيئة المركزية من 15% من جملة المؤتمرين في المؤتمر العام……….إلى الآخر.
وفقاً لهذه المادة انتخب المؤتمر العام الهيئة المركزية انتخاباً صحيحاً بالنسبة المقررة في هذا المادة 15%.
بعد انتخاب الهيئة المركزية هذا الانتخاب الصحيح اجتمعت الهيئة المركزية ورأت أن هنالك قصوراً في تمثيل بعض الفئات مثل المرأة وغيرها من الفئات، و رأت الهيئة من تلقاء نفسها زيادة عدد الهيئة المركزية لمعالجة ذلك القصور في تمثيل الفئات فقامت بزيادة عدد الهيئة المركزية، والزيادة في عدد الهيئة المركزية يتطلب تعديل المادة 16/د من نسبة 15% إلى نسبة جديدة أكثر من 15% لتستوعب العدد المراد إضافته للهيئة المركزية، الهيئة المركزية لا تملك الحق في تعديل أي مادة من مواد الدستور، لأن الدستور رسم طريقاً محدداً لتعديله ولا يحق لأي جهة أن تخالف هذا الطريق حتي المؤتمر العام إلا أن يسلك ذلك الطريق.
ماهو الطريق الذي رسمه الدستور لتعديله؟
أول خطوة في ذلك الطريق أن يكون هناك اقتراح من الهيئة المركزية للمؤتمر العام بتعديل ما تراه من الدستور، وفي ذلك نصت المادة 16/ 2/ ب، سلطات الهيئة المركزية:
اقتراح ما تراه من تعديلات في الدستور.
تعرض الهيئة المركزية الاقتراح بالتعديل في الدستور على المؤتمر العام.
وقد نصت المادة 22-الإجازة والتعديل:
أ- يجاز الاقتراح بإدخال التعديلات بالدستور التي تطرح على المؤتمر العام بالأغلبية البسيطة.
ب- تعديل الدستور من حق المؤتمر العام حصرياً.
ج- يتم تعديل الدستور بثلثي أعضاء المؤتمر العام.
تعديل المادة 16/د الذي قامت به الهيئة المركزية بزيادة عدد الهيئة مركزية جاء مخالفاً تماماً للطريق الذي رسمه الدستور لتعديله.

والأدهى والأمر أن المادة 16/ 2 تشكيل الهيئة المركزية موضوع زيادة عدد الهيئة المركزية لم تعدل، وبقيت كما هي في دستور حزب الأمة القومي 1945 المعدل 2009:
تتكون الهيئة المركزية من 15% من جملة المؤتمرين في المؤتمر العام، ولكافة أعضاء الحزب، وعلى رأسهم رؤساء المؤسسات لهذه المادة في الدستور سيجدونها كما هي.


ما أصاب الهيئة المركزية بعدم الشرعية لما أصابها من عوار خرق الدستور، فأصبحت الهيئة المركزية غير شرعية ورئيسها غير شرعي، وتبعاً ذلك تكون كافة مؤسسات الحزب المنبثقة من الهيئة المركزية غير شرعية، المكتب السياسي غير شرعي، ورئيسه غير شرعي، الأمانة العامة غير شرعية وأمينها العام غير شرعي، مجلس التنسيق المكون من رؤساء هذه الأجهزة بدون شك غير شرعي، فلا يحق للهيئة المركزية ولا المكتب السياسي ولا مجلس التنسيق المجادلة في شرعية الرئيس حيث أن الرئيس لا يستمد شرعيته من التوافق المزعوم من مجلس التنسيق. وإجازته من المكتب السياسي، وإنما يستمد شرعيته من إجازته من المؤتمر العام “نائباً أولاً” لرئيس الحزب، وإن العرف الدستوري المعلوم للكافة: نائب الرئيس يقوم مقام الرئيس حال غيابه، حتى لو سكت الدستور عن ذلك.

هل يحق لنواب الرئيس الأربعة منازعة سعادة اللواء/فضل الله برمة ناصر في رئاسة للحزب باعتبار أنهم يستمدون شرعيتهم من الراحل المقيم رئيس الحزب عليه الرضوان المستمد شرعيته من المؤتمر العام.؟
لا يحق لهم منازعة سعادة اللواء/فضل الله برمة ناصر في رئاسة الحزب وذلك للآتي:-


1/الحبيب سعادة اللواء/فضل الله برمة ناصر هو النائب الأول لرئيس الحزب المجازة إنابته من المؤتمر العام، ولا تتمتع إنابة أياً منهم بالإجازة من المؤتمر العام.
2/ إنابة الحبيب سعادة اللواء/فضل الله برمة ناصر إنابة دستورية، وإنابة باقي النواب كانت نتيجة لترضيات السياسية.
أ/الفريق/صديق محمد إسماعيل النور تم تعيينه ترضية له بعد أن سحبت الهيئة المركزية الثقة عنه.
ب/ الحبيب المحامي/عبدالله الدومة تم تعيينه نائباً للرئيس بعد أن سقط في انتخابه أميناً عاماً من الهيئة المركزية غير الشرعية التكوين وبعد أن فشل تياره العام في إحداث أي اختلاف السياسي.
ج/الحبيب الدكتور/ إبراهيم الأمين عبد القادر تم تعبينه نائباً للرئيس بعد أن تم عزه من منصبه أميناً للحزب في عزل لا يخلو من المؤامرة، فذهب مغاضباً وعاد بعد وساطة بينه وبين رئيس الحزب قام بها أخوه دكتور/يوسف الأمين.
ج/تعيين الحبيبة الدكتورة/مريم الصادق، نائباً للرئيس تعيين يشوبه الغموض، حيث أنه أثناء كان رئيس الحزب في المعتقل، صدر بيان منسوب لرئيس الحزب بياناً بتعين الدكتورة/مريم الصادق المهدي نائباً لرئيس الحزب، وكانت للمراقبين ملاحظتان على ذلك البيان:-

  • جاء بالبيان جملة عينتُ بنتي الحبيبة مريم، والملاحظ أن بيانات الرئيس في مثل هذه التعيينات تخلو من بُعدي الرحم والدم.
  • و الملاحظة الثانية أن تعيين مريم جاء بالتكليف بملف العلاقات الخارجية دون أن تتم التعيينات السابقة لها بأي تكليف لأي من النواب.
  • ولاحظ المراقبون داخل الحزب أنه حتى بعد وفاة الحقاني عليه الرضوان تمسكت الدكتورة/مريم الصادق بالعلاقات الخارجية فأصرت على وزارة الخارجية من بين الوزارت الممنوحة للحزب في حكومة الثورة الثانية ما يكشف ولع الكتورة/مريم بالعلاقات الخارجيه ويلقى بظلال كثيفة من الشك حول ذلك البيان وحول تعيين الدكتورة/مريم الصادق المهدي نائباً للرئيس.
    ما تقدم يثبت ان الحبيب سعادة اللواء/فضل الله برمة ناصر بصفته رئيساً للحزب هو الجهة الشرعية دستورياً بحزب الأمة القومي، فلا يحق لأي مؤسسة من مؤسسات الحزب أن تجادل في رئاسته، ولا يحق لأي نائب من نواب الرئيس منازعته في رئاسة الحزب.
    ما هو التصرف الدستوري السليم الذي يحفظ وحدة الحزب في ظل الراهن الوطني والحزبي؟؟؟
    وحيث أنه مما تقدم أثبتُ أن سعادة اللواء/فضل الله برمة ناصر هو الرئيس الشرعي للحزب حتى انعقاد المؤتمر العام الذي أجاز إنابته، فإن التصرف السليم في الظرف الراهن الوطني والحزبي الطارئ، أن يفعل سعادته، مادة الطواريء ويحل كافة أجهزة الحزب وتشكيل لجان تسيير وإدارة العمل.
    وفي ذلك نصت المادة 10/ 1 من الدستور على أنه:
    1- في حالة حدوث طارئ يحول دون ممارسة مؤسسات الحزب لمهامها، يجوز لرئيس الحزب، تشكيل لجان لتسيير وإدارة العمل مع من يراه مناسباً من منسوبي الحزب.
    يعقوب إبراهيم البشير
    الشارقة
    السبت 16/ أغسطس 2025.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى