عبدالحميد نورين طاهر .. لماذا السودان سلة إتفاقيات السلام بلا منافس؟

لماذا السودان سلة إتفاقيات السلام بلا منافس؟
بقلم : عبدالحميد نورين الطاهر
Email: norain20000@gmail.com
3 أكتوبر 2020
المتتبع للأحداث التي تتجدد نتيجة للصراع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والحروب الأهلية والنزاع المسلح وغيرها من أشكال الصراع في الاقليم يجد الأكثر حراكا وحدة في السودان ، وذلك لطول أمد الصراع السياسي والاجتماعي الذي امتد منذ قبل الاستقلال الي يومنا هذا ، إذ لا توجد حكومة اِعْتَلَّت سدة السلطة في السودان لم توقع اتفاقية سلام مع أحد أطراف النزاع ، ولكن نظام ثورة نظام الإنقاذ المُباد هي صاحبة المنوال في عدد الاتفاقيات اذا تجاوز الأربعين اتفاقية بإضافة عشرة اتفاقيات سابقة تجاوز الخمسون اتفاقية وبذلك يصبح السودان الدولة الأولي عالميا في طول أمد النزاع منذ عام 1924 الي الآن ، إذ تجاوزت ال96 عاما من النزاع المسلح والإضطراب والذي يشير الي فشل النُخب السودانية في مخاطبة جذور الأزمة ووضع الحلول الناجعة لها ، بل جعلوها سلعة يتم تسويقها وفق اتجاه رياح المصالح الشخصية والحزبية ، وفي محاولات يائسة منهم تجاه السلام توجوها بعدد من الاتفاقيات نذكر منها:
- 1965 مؤتمر المائدة المستديرة المنعقد في جوبا.
- 1972 اتفاقية أديس أبابا جعفر النميري مع قادة التمرد بجنوب السودان،
- 1986 إعلان كوكادام بين التجمع الوطني المعارض وقادة التمرد في جنوب السودان.
- 1988 اتفاقية الميرغني- قرنق.
- 1989 اتفاق القصر وقعه الصادق المهدي كرئيس وزراء مع الأحزاب السودانية.
- 1989 مؤتمر الحوار الوطني حول قضايا السلام في السودان أول مؤتمر للسلام بعد انقلاب الإنقاذ 1989.
- 1991 أبوجا -1.
- يناير 1992 إعلان فرانكفورت الذي أقر مبدأ الاستفتاء الذي انفصل بموجبه لاحقا جنوب السودان.
- 1993 أبوجا – 2.
- سبتمبر 1994 إعلان مبادئ “إيقاد”.
- أبريل 1997 اتفاقية الخرطوم للسلام بين فصيل رياك مشار وحكومة الإنقاذ.
- يوليو 1997 مبادرة “الإيقاد”.
- 1997 اتفاقية فشودة.
- 1999 إعلان طرابلس برعاية القائد الأممي العقيد معمر القذافي.
- نوفمبر 1999 اتفاقية جيبوتي مع الصادق المهدي .
- يونيو 2001 المبادرة الليبية المصرية المشتركة وقعتها الحكومة مع المعارضة الشمالية.
- برتكول مشاكوس في يوليو من العام 2002 م وقعت الحكومة السودانية والحركة الشعبية على اتفاقية برتكول مشاكوس بكينيا ، ويعتبر أحد برتكولات اتفاقية السلام الشامل.
- 2002 اتفاقية وقف إطلاق النار جبال النوبة.
- 2003 مذكرة ناكورو التي قدمتها مبادرة “الإيقاد” باجتماع كينيا.
- سبتمبر 2003 اتفاقية أبشي لوقف إطلاق النار في دارفور.
- يونيو 2005 اتفاقية القاهرة للمصالحة الوطنية والسلام الشامل في السودان بين التجمع الوطني المعارض برئاسة محمد عثمان الميرغني ورئيس الحركة الشعبية الدكتور جون قرن من جهة وممثل حكومة السودان نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه .
- يناير 2005 اتفاقية نيفاشا ومبدأ تقرير المصير على أرض الواقع.
- 2006 اتفاقية أسمرا مع جبهة الشرق.
- مايو 2006 اتفاقية أبوجا لسلام دارفور.
- يونيو 2011 الاتفاق الإطاري “اتفاق نافع – عقار”.
- يوليو 2011 اتفاقية الدوحة لسلام دارفور.
- أغسطس 2013 اتفاقية وقف العدائيات بين قبيلتي المعاليا والرزيقات (شمال دارفور).
- سبتمبر 2014 إعلان باريس بين الجبهة الثورية وحزب الأمة.
- ديسمبر 2014 اتفاق نداء السودان بين معارضي الحكومة السلميين والمسلحين.
- أكتوبر 2015 حوار الوثبة وانطلاق مشروع الحوار الوطني.
- أغسطس 2016 اتفاق خارطة الطريق الأفريقية.
- 23 يناير 2017 توقيع الحكومة السودانية وحركة جيش تحرير السودان (الثورة الثانية) بالدوحة اتفاق سلام على أساس وثيقة الدوحة في دارفور.
وبعد الإطاحة بعمر البشير في ثورة شعبية عارمة:
- 17 اغسطس 2019 قوى الحُرية والتغيير والمجلس العسكري الإنتقالي يقومان بالتوقيع النهائي على الوثيقة الدستورية والتي بموجبها تم حل المجلس العسكري وتكوين مجلس السيادة وتعيين رئيس الوزراء بعد ثورة شعبية سلمية امتد لخمسة أشهر متواصلة أطاح بالدكتاتور عمر البشير في 11 ابريل 2019 .
- واليوم الموافق 3 أكتوبر 2020 تمت التوقيع علي اتفاقية سلام السودان بين فصائل الجبهة الثورية وحكومة السودان الانتقالية تحت رعاية رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت في جوبا عاصمة جنوب السودان.
وفي ذات الوقت الذي يتطلع الشعب السودان الي هذه الإتفاقية بتفاؤل وصولا للسلام ووضع حدا لحياة الذل والهوان والفقر والفاقة بمعسكرات اللجوء والنزوح والمكتوين بنار الغلاء وتدني الخدمات بمدن السودان المختلفة.
نلفت انتباه موقعي السلام من الجبهة الثورية لمخطط إفراغ الاتفاقية من الآن ونُحّذِر جميع الأطراف الموقعة من التلاعب بقضية الشعب السوداني والإنزلاق بالبلاد في أتون حرب أهلية مجدداً أو الركون لمخطط التقسيم لمزيد من الدويلات ، لا يغرنكم بريق السلطة ، الشعب السوداني يعلم أن السلام يُنخِسِ تجّار الحرب ويجعلهم يصرخون بتقسيم السودان حتي يتمكنوا من الإفلات من العقاب وهم أنفسهم مجرمي الحرب الذين إرتكبوا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي ضد الآلاف من أبناء الشعب السودان لعقود من الزمان ، لذلك نُذّكِر الأطراف الموقعة للسلام أن رد المظالم والحقوق ، تقديم المجرمين للعدالة، تحقيق العدالة الإجتماعية، دولة المواطنة علي أساس الحقوق والواجبات ، المساوة أمام القانون وغيرها من الحقوق ، وكذلك وضع الحد للأزمة السودانية ممثلاً في الاستعباد والاستبداد والدكتاتورية ومؤشراتها التهميش السياسي ، الرأسمالية الطفيلية ، التفرقة علي أساس الجنس أو العرق أو الدين أو الثقافة أو الاتجاه الجغرافي وكل أمراض النُخب السياسية السودانية الفاشلة التي تعمل علي إعادة تدوير هذه الأزمة ، فضلاً عن أصحاب المصالح من الدول المتربصة بمستقبل السودان والتي تختفي خلف ظل الدول العربية وتهديداتهم للمفاوضين أو إغراءاتهم لإثنائهم عن حقوق الشعب السوداني ، نُذّكِركم أن ما يتم في الخفاء يخرج بذات السرعة التي تدخل وبتفاصيلها للعلن، ايها الثوري الموقع لا يغرنك الدعم اللوجستي أو المالي ودائماً في مثل هذه المواقف أسأل نفسك ماذا وراء ذلك ؟ هل الثورة تعني لديك المصالح الشخصية؟ ، عليك التعامل بالصدق مع نفسك أولاً ، وقضية الوطن وإلا التاريخ لا يرحم ، المال ليس كل شئ الموقف صعب بين الترغيب والترهيب ولكن الصمود واجب حتي اذا دعا الأمر الترجل عن المنصب من أجل وطن مستقر وتاريخ ناصع تذكر به، واعلموا ان الشعب السوداني اكثر وعيا وادراكا ببواطن الأمور مع عصر المعلوماتية.
وبتوقيع هذه الإتفاقية في جوبا ونحسب انها النهائي سوف يُكتب تاريخ جديد للسودان وبها يطوي الشعب السوداني قرن من الصراع الاجتماعي والسياسي راح ضحيتها ملايين الأرواح ، ونشل الوطن من الإنغماس في بوتقة التخلف التنموي ، وإنهاء العزلة الدولية للسودان ويعود لها هيبتها وسط الدول المتقدمة وتزدهر بالتنميةِ المستدامة وترفرف علما بين شعوب العالم الأحرار ، ما زال الأمل باقي طالما نجدد الأحلام.
اخيرا رافضي سلام جوبا من كل السودان اذا خيرتم الحرب كوسيلة بعد اليوم يجب أن توجهونها علي القابضين علي مركز القرار فقط ، أي حرب خارج مركز القرار تعد جريمة حرب تعود على المواطن بمزيدا من المعاناة ، أرونا عضلاتكم وأفكاركم ورؤاكم أو إلتحقوا بركب السلام الزمن يسرقنا، دعونا نضع البلسم الشافي للوطن المجروح وننهض للبناء.
المقال أعلاه منذ أكتوبر 2020
والعدد التالي عن اتفاقيات ما بعد سلام جوبا ما كان ظاهرا وما هو (Under the table) ترقيوا
وما زال السؤال قائما: لماذا نقض العهود بات نهج ومنهج ومنهاجا للأنظمة السودانية والنخب السياسية؟




